الاستقرار في النظام المالي يحقق الإصلاح المصرفي والشمول المالي

سمير النصيري

عندما اطلق البنك المركزي العراقي استراتيجيته للسنوات 2016-2020 بالتزامن مع دعوات التغيير الجوهري والشامل الصادرة عن السيد رئيس مجلس الوزراء ومجلس النواب .كان هدفه هو رسم خارطة طريق لخمس سنوات مقبلة لتحقيق الاستقرار في النظام المالي بما يسهم في الوصول للشمول المالي والاصلاح المصرفي
والذي يهمنا كمختصين بالشأن الاقتصادي والمصرفي هو ما هي الآليات والسياسات الجديدة التي يمكن ان يعتمدها البنك المركزي والمصارف الحكومية والخاصة والجهات ذات العلاقة فيما يخص الاصلاح المصرفي على وفق منهج التغيير الجوهري المنشود للاقتصاد العراقي في المرحلة المقبلة والذي يشكل القطاع المصرفي الحلقة الاولى والاساسية فيه .
ان استراتيجية البنك المركزي حددت ورسمت الطريق للاصلاح المصرفي وفقا ً للأهداف الرئيسة التالية:
1. دعم وتحقيق الاستقرار المالي.
2. تفعيل دور القطاع المصرفي والمؤسسات المالية.
3. تطوير البنية التنظيمية والهيكل التنظيمي.
4. تطوير رأس المال البشري.
5. تفعيل وتكامل العلاقات الداخلية والخارجية.
وبما أن هذه الاهداف الاستراتيجية قد تم تحديد فترة تطبيقاتها الزمنية بخمس سنوات لتحقيق 23 هدفا ً فرعيا ً أشتق منها يقوم على اساس تحقيق الاستقرار المالي ورسوخ النظام المالي وإعمام الشمول المالي والوصول الى اصلاح مؤسسي وهيكلي للقطاع المصرفي في العراق. لكن من خلال تحليل آليات ونقاط العمل لتحقيق الاهداف اعلاه نلاحظ أن الاستراتيجية قد حددت أولويات واضحة لتحقيق الاصلاح وبالتأكيد أن هذه الأولويات تم تشخيصها في ضوء التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي بسبب الازمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي يعاني منها العراق حاليا ً للأسباب الذاتية والموضوعية المعروفة للجميع.
حيث يمكن تشخيص أولويات معاناة القطاع المصرفي والتي يتطلب من البنك المركزي العراقي والجهات الحكومية ذات العلاقة من رسم ووضع آليات وإجراءات معالجتها خلال للسنوات 201٦-٢٠٢٠ وهي كما يلي:
1. إعادة ثقة المواطنين والزبائن بالقطاع المصرفي العراقي وبنحو خاص المصارف الاهلية .
2. العمل على زيادة نسبة الادخار في المصارف الى نسبة الاكتناز خارج المصارف حيث بلغت نسبة الادخار 23 % ونسبة الاكتناز 77 % .
3. استكمال المرتكزات الهيكلية والتقنية للرقابة الاستباقية
4. تأسيس مؤسسات وإصدار قوانين ضمان الودائع والائتماءات .
5. مراجعة وتقييم نتائج أعمال المصارف وإعادة تصنيفها بواسطة شركات دولية معتمدة . وتحديد المصارف الضعيفة التي تحتاج الى تدخل البنك المركزي العراقي لإعادة نشاطها وحمايتها من الافلاس .
6. مساعدة ودعم المصارف التي تعرضت للضرر في المحافظات التي دخلها داعش .
7. معالجة نافذة بيع العملة ومحاولة ايجاد بدائل بدلا ً عنها كتأسيس مصرف للتجارة الخارجية.
8. تفعيل مبادرة البنك المركزي في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وبما يسهم في تنشيط الدورة الاقتصادية وتنويع موارد الموازنة العامة لعام 2016 .
لذلك ولغرض إجراء التغيير الجوهري لمنهج الاصلاح المصرفي على وفق ما ورد بالاستراتيجية على وفق نظرة ثاقبة للاولويات والتحديات التي يعاني منها القطاع المصرفي العراقي نقترح تنفيذ وتطبيق الرؤى والافكار التالية :
أولا : قيام البنك المركزي بدراسة وتحليل الواقع الذي تعيشه المصارف الحكومية والاهلية من خلال مراجعة وتقييم وتصنيف هذه المصارف استناداً الى بياناتها المالية ونتائج اعمالها لعام 2015 و٢٠١٦واعتماد مؤشرات تقييمية واضحة ومستندة الى قانون المصارف النافذ والمعايير الدولية .
وتكليف فريق عمل متخصص في التحليل المالي وتحديد معايير كفاءة الاداء للمصارف في جميع مجالات العمل المصرفي الاداري والمصرفي و الائتماني ويفضل ان يكون هذا الفريق دوليا ً مستقلا وحيادياً آخذين بنظر الاعتبار نتائج نظام التقييم للفصل الاول ٢٠١٧.
ثانياً : قيام البنك المركزي العراقي بالسيطرة الكاملة والاشراف على حركة العمل المصرفي في العراق من خلال التركيز على الرقابة الاستباقية الالكترونية المكتبية والميدانية وبنحو مبرمج ومخطط وتحديد المخالفات والهفوات والتجاوزات للأدارات التنفيذية المصرفية واتخاذ اجراءات تصحيحية .
ثالثاً – تطبيق قرار مجلس ادارة البنك المركزي العراقي بشأن ضوابط ترشيح اعضاء مجلس الادارة والموظفين القياديين في المصارف والتركيز على الكفاءة المهنية والنزاهة الوظيفية والسمعة الشخصية والتجارية والخبرات الاختصاصية .
رابعاً – هيكلة المصارف الحكومية والعمل على خصخصتها وفقاً للمذكرة الموقعة مع البنك الدولي مع التركيز على مساهمتها مع بعض المصارف الرصينة في القطاع المصرفي الخاص وبنسبة لاتزيد على 25 % على ان تدار هذه المصارف بعقلية اقتصاد السوق وتخضع لرقابة ديوان الرقابة و اتخاذ الخطوات المدروسة لتأسيس مصرف للتنمية والاستثمار تشارك برأسماله الدولة بنسبة لا تزيد على 25% وان يدار من قبل القطاع المصرفي الخاص وتتولى الدولة التوجيه والرقابة على ان تخضع حساباته لمراقبة وتدقيق ديوان الرقابة المالية .
خامساً :- قيام البنك المركزي العراق باعادة النظر بسياسته الخاصة بالسيطرة على السياسة النقدية وبالتحديد الياتها ووسائلها المتعلقة بالمحافظة على سعر صرف الدينار العراقي مقابل العملات الاجنبية وهذا يتطلب دراسة موضوع نافذة العملة وايجاد بدائل أخرى تنسجم مع حالة الاقتصاد العراقي.
سادساً : قيام البنك المركزي بتشكيل لجنة استشارية بالاشتراك مع رابطة المصارف والخبراء والمستشارين الاقتصاديين والمصرفيين من القطاع الخاص يقدم المشورة والخبرة لمجلس ادارة البنك ودوائره المختصة وقبل صناعة القرارات المهمة الخاصة بالسياسة النقدية ومدى تأثيرها على الوضع الاقتصادي تنفيذا لتوصيات المؤتمر المصرفي العراقي الثالث المنعقد في نهاية عام 2015 .

*مستشار اقتصادي ومصرفي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة