طاقات معطلة

اجهزت الحروب المتوالية في العراق على الكثير من معالم السلام في هذا البلد وفي الوقت الذي تنعمت فيه امم وشعوب بسنوات الرخاء والازدهار والرفاهية بقي الشباب العراقي في محيط القلق والترقب وعدم الاستقرار ولان هؤلاء الشباب يشكلون اليوم النسبة الاكبر من نفوس الشعب العراقي حيث بلغت اعداد السكان في سن العمل بعمر 15-64 سنة اكثر من 10 ملايين نسمة وبنسبة 56.6%» من عدد سكان العراق البالغ عددهم اكثر من 36 مليون نسمة حسب آخر الاحصائيات التي قامت بها وزارة التخطيط فان الاهتمام بهم يشكل اولوية في أية دولة تتطلع الى النجاح والتقدم وفي مراجعة سريعة لهذه الارقام سيتأكد للمعنيين بأن هذه النسبة وهذه الفئة تشكل الطاقة الاكبر التي يجب الاعتماد عليها في كل مفاصل الخطط الاستراتيجية لاعادة الاعمار في العراق وفي مشاريع التنمية المختلفة وتزخر مراكز البحوث واستطلاعات الرأي التي اجراها باحثون في شؤون الاقتصاد والامن والاجتماع داخل العراق وخارجه بالعديد من الدراسات التي حاولت التعرف على مشكلات الشباب في العراق واستطلاع ارائهم في القضايا التي تهم حاضرهم ومستقبلهم ومما لاشك فيه ان ملايين الشباب العراقيين يحملون احلاماً وتطلعات يتطلعون لتحقيقها داخل وطنهم الذي ولدوا وعاشوا فيه وهم مثل الملايين الاخرين من اقرانهم في دول العالم يحلمون بتحقيق الانجازات وتوظيف طاقاتهم ومواهبهم في اعمال ونشاطات وفعاليات تنظمها الدولة بجميع مؤسساتها او تشرف عليها او تدعمها لكن واقع الحال يشير الى غياب هذا الدور وتبعثر الامكانات والقدرات التي تستطيع استيعاب هؤلاء الشباب الذين يتوزعون في شتى المدن العراقية وفي ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها العراق واجراءات التقشف وتضييق فرص الحصول على الوظائف يواجه الشباب في العراق محنة كبيرة تتمثل بالبطالة الكبيرة التي يعيشها ملايين الخريجين الذين اضحوا عاطلين عن العمل وهم اليوم يزاحمون اقرانهم من غير الخريجين الذين يمتهنون حرفاً بسيطة يحاولون من خلالها سد جزء من حاجاتهم وحاجات عائلاتهم فيما ينتظر آخرون فرصاً اخرى خارج العراق تتمثل بسعيهم الى الهجرة وانعكست هذه البطالة على مستوى الجريمة في العراق واسهمت في خلق مشكلات اجتماعية وامنية حسبما تشير احصائيات دوائر ومؤسسات وزارة الداخلية واذا كانت الدولة العراقية تعلل تقصيرها تجاه الشباب العراقي بانشغالها في الحرب على الارهاب ومواجهتها للظروف الاقتصادية الصعبة فأن الانتهاء من هذه الحرب سيوفر فرصة للتعويض عن هذا الاهمال وهذا التهميش وازالة الآثار السيئة التي تحيط بحاضر هؤلاء الشباب ومستقبلهم ولابد من الشروع في وضع برامج تأخذ بنظر الاعتبار الحاجات الاجتماعية والنفسية التي تلبي رغبات وتطلعات الشباب العراقي بما يضمن احتضان طاقاتهم وتوفير الدعم المطلوب لابراز مواهبهم في مجالات الوظائف الحكومية والقطاع الخاص وفي مجالات الرياضة والمؤسسات الاجتماعية التي تعنى بحل مشكلاتهم.
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة