لماذا يتخبط الساسة؟

من المؤكد ان هوس الظهور على الشاشات الملونة يؤدي بالسياسي الى ارتكاب اخطاء تزيد في اضطراب صورته وسمعته بين الجمهور عدا عن انها تشحن الجو السياسي بالملاسنات والصراعات والكراهية، ويقول ج. جيلبيرت الخبير الكندي في تأثير وسائل الاعلام ان الخدمة المعاصرة لهذه الوسائل في الميدان السياسي باتت خطيرة في تأثيرها السلبي على انضباط الساسة.
ويقال ايضا، ان سبب تخبط الساسة في المواقف والتصريحات و «المنسوبات» يعود، في جزء منه، الى ما كان يسميه الجاحظ بالبطانة، او ما يسميه الادب السياسي الايران بالحبربشية.. فالبطانة والحبربشية يغوون الزعامات الفارغة بمواصلة الخطيئة والسقوط في العثرات، وتسميم العلاقات مع شركائهم والايقاع بينهم، وفي حمية الاستتباع، والانحياز الاعمى للقبيلة أوالنوع أوالمذهب أوالدين أوالزعيم، ينزل الاتباع – وانا اتحدث عن ظاهرات سياسية – منزلة الاساءة الى الممدوح ،
ان الانحطاط السياسي في العراق فتح الباب (منذ العهد السابق) امام انحطاط فن الارتزاق ووجد تعبيره، الآن، في انتشار صور الساسة والمشايخ ، بنحو عشوائي مضحك، في الساحات والمنعطفات وعلى جدران العمارات العالية، رسمها (او ارتكبها) مبتدئون جهلة تفننوا في تصنيع البراءة والابتسامة على وجوه لا تبتسم في سرّها، وقبل سنوات قليلة وعشية الانتخابات اقامت تجمعات سياسية مباريات لمن يرغب برسم صور كبيرة لساسة ومتنفذين مُطاعين، وقد كنا نعتقد ان المشهد المقرف لجداريات وصور صدام حسين سيحل في ذاكرة ساسة العهد الجديد كمخلفات استفزازية بائدة، وستشكل وحدها ميثاقاً سياسياً واخلاقيا ضد هذه الظاهرة المعيبة، وليس من دون مغزى ان يهتم المراسلون الاجانب بنقل الجداريات والصور الجديدة من على جدران المدن الصماء ومنعطفات الشوارع الكونكريتية واعمدة الكهرباء الباردة بالكثير من الاستغراب، ولم يتوان مراسل فرنسي كان قد زار بغداد قبل عشر سنوات، من القول بعد ان زار العراق مرة اخرى»شاهدتُ صورة كبيرة لزعيم محلي تنتشر من حولها مستنقعات من الصرف الصحي، وتنام تحت قوائمها الحديدية نعاج ضعيفة وجائعة».
وهكذا فان السياسة تغوينا – إن لم نتحصن كفاية – على الاستطراد الفائض، وتكشف لنا المزيد مما لم يخطر على بالنا، فلم يكن برام ستوكر قد تخيل ان هناك مخلوقات تمص دماء البشر قبل ان يلتقي عام 1890 بنحو عابر بمصاص دماء من البشر ليخترع من دناءته شخصية دراغولا.
**********
توماس بن:
«نظام الفرد الواحد ليس سوى اختراع ابتدعه الشيطان ليخلـّد بين الناس عبادة الأصنام ويروّج بضاعة الوثنية».
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة