شريف حتاتة يُنهي رحلة الهروب ويرحل عن عمر 94 عامًا

نوال السعداوي تطالب بتحويل رواياته إلى أفلام
الصباح الجديد
– وكالات:
رحل الكاتب والروائي المصري، شريف حتاتة، في إحدى مستشفيات ألمانيا، عن عمر ناهز 94 عامًا، في نهاية تتسق مع شوط نضالي طويل، نالت الغربة نصيبًا كبيرًا فيه، ما بين ولادة في إنجلترا لأم إنجليزية فقيرة، وأب مصري أرستقراطي، وفرار من سجن طويل في مصر، إثر نشاطه السياسي ليستقر في فرنسا فترة، ثم يعود إلى وطنه هربًا كما فر منه.
وعلى الرغم من ذلك، حافظ الكاتب على شغف طفل وحماسة شاب في إقباله على الحياة ورومنسيتها، فحتى بعد تجاوزه التسعين، كان يحرص على ارتداء قمصان ذات ألوان صارخة، وهو نفسه الذي رقص في حفل زفاف، كشاب عشريني بصورة تعجب منها هو نفسه، وأراد أن يحفظها في آخر رواياته “رقصة أخيرة قبل الموت”، وحين سُئل عنها أجاب: “لا بد أن يظل الإنسان يرقص، حتى آخر أنفاسه طالما استطاع، هذه رسالتي”.
ولَكَم من المرجح أن تلك لم تكن رقصته الأخيرة، إذ صدرت الرواية عام 2013، في حين ظل حتاتة محافظًا على حماسته، وانطلاقه حتى وفاته، وإن كانت صحته قد تدهورت، فلم يعد يتنقل إلا على كرسي متحرك، غير أنه من المؤكد أن روحه ظلت ترقص حتى النهاية.
وصدر لحتاتة بعد روايته تلك، عدد من القصص القصيرة والكتب أهمها “معارك العالم البديل”، الذي كان بمنزلة تأريخ لحياة فكرية زاخرة، لكاتب كبير، وسبق أن قدم سيرته في كتاب “النوافذ المفتوحة” (2005)، الذي يعد هو ورواية “الشبكة” (1982) الأهم من وجهة نظر حتاتة، في حين كانت روايتا “نور” (2012)، و “ابنة القومندان” (2008)، الأقرب إلى قلبه، وقال عن الأخيرة: “كانت رومانسية… استمتعت جدًا وأنا أكتبها”.
ولد حتاتة عام 1923 في إنجلترا، وظل حتى سنته الخامسة لا يعرف العربية، وفي شبابه وقع التحول الأبرز، بميل الشاب المرفّه إلى الطبقات الفقيرة، وتبنيه الفكر الماركسي، فانضم إلى حركة الديمقراطية للتحرر الوطني اليسارية، وأمضى على إثر توجهه السياسي أكثر من 14 عامًا في السجون، 4 منها في عصر الملك، و10 أخرى خلال العهد الناصري.
واقترن حتاتة بالكاتبة والروائية نوال السعداوي عام 1964، وكان لها فضل في توجيهه إلى الكتابة الأدبية، بعدما كان مترددًا في ذلك، ليصدر روايته الأولى “العين ذات الجفن الحديدي”، والتي تروي تجربته في السجن، ثم اقترن بالناقدة السينمائية أمل الجمل.
وتقول السعداوي عنه:”بمجرد أن رأيت حتاتة، لمست فيه روائيًا رفيعًا، ورومانسيًا حالمًا، لذلك أقنعته بضرورة التوجه نحو الكتابة الأدبية، لكنه تردد في البداية بفعل انتمائه السياسي ذي الوقع السيئ عليه، إذ وقع فريسة لسوء التربية الحزبية، لا سيما الشيوعية التي وجهته توجهًا سطحيًا، استغلاليًا، بوصفه سياسيًا، لا يصح أن يصبح كاتبًا، لكني دأبت على تشجيعه إلى أن كتب روايته الأولى في سنوات قليلة، ليتخلص من ذلك الأثر السيئ، وينطلق في مضمار الكتابة، مخلفًا عددًا من أفضل الكتابات العربية”.
وتضيف: “على الرغم من ذلك لم يحصل على التقدير الذي يليق بما قدم، وإن كنت أتوقع أن يحصل في موته على ما حُرم منه في حياته”، مقترحة أن تتحول بعض أعماله إلى أعمال سينمائية، أو درامية خصوصاً “النافذة المفتوحة”، و “الشبكة”.
وتابعت السعداوي:”كان حتاتة من نبلاء مصر، مرهف الحس، على درجة كبيرة من الإنسانية، وكان روائيًا ضل طريقه في البداية إلى السياسة”.
امتدت إنسانية حتاتة إلى سجانيه أيضًا، إذ يروي عن فصول لمحو الأمية، فتحها ورفاقه في السجن، لتعليم السجانين الذين كان أكثرهم أميين، بالتزامن مع قرار صدر آنذاك يربط ترقية هؤلاء، بحصولهم على الشهادة الابتدائية، وحين قيل لهم “تعلمهم وهم جلدوك”، أجاب: “هم ضحايا في رواية أخرى”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة