من حق الرأي العام ان يقلق حيال تقارير مخيفة عن اختطافات منهجية تطال نساء ورجالا وتختفي آثارها او يتم العثور على جثث الضحايا في انهار او منعطفات او ضواحي المدن، وفي حالات قليلة يصبح المخطوف رهينة قيد التفاوض بين اسرته والخاطفين لتحريره بفدية مالية يحدد المجرمون قدرها، وثمة حالات متوحشة حيث يتسلم الخاطفون الفدية ويسلمون المخطوف جثة الضحية ويبلغ الهلع بين المواطنين حين تتلقى نساء وفتيات وموظفات تهديدات من جهات مجهولة باختطافهن، وكل ذلك يجري فيما تقف السلطات الامنية عاجزة عن لجم هذه الموجة الاجرامية السوداء، الامر الذي فتح ابواب التكهنات على مصراعيها ليتداول المواطنون معلومات (تقرب من الشائعات) حول علاقة سياسيين ومسؤولين متنفذين وزعامات تقود تنظيمات مسلحة غير مرخص لها بالوقوف وراء بعض اعمال الاختطاف والتنكيل بالمخطوفين,
وفي خلفية هذا الملف ما تزال الاف العائلات تكابد فجيعة اختفاء ابنائها منذ العام 2003وقد تقطعت بها السبل في البحث عن مصائرهم، او في الاقل، الاسترشاد الى جثثهم لكي تكون لهم قبور مثل قبور الاخرين، واكثر فجائع هذا الملف تُقرأ في ما تركه الغائبون من ابناء صغار كبروا ويكبرون على امل عودة آبائهم، وثمة امهات يعشن عاماً بعد عام تحت جمرة الانتظار الحارقة، وقد قضت امهات وآباء تحت لوعة هذه الفجيعة.
وإذ يُعرف الخاطفون قبل العام 2003 (حكم الدكتاتورية) فان ضحايا الاختطافات فيما بعد، وطوال عقد ونصف العقد، ضائعون بين جهات عديدة، لا تكشف عن مصائرهم، ولا تعترف حتى بمسؤوليتها عن اختفائهم، وفي هذا تكمن بشاعة الجريمة الانسانية بالالوان الطبيعية، بالرغم من ان عائلات الضحايا ويوميات الاحداث الامنية التي مرّ بها العراق توجه اصابع الاتهام الى هذه الجهة(او الزعامة) او تلك ، لتصبح لدينا لائحة اتهام لا تعفي احداً من لاعبي المرحلة من المسؤولية، بل ان القوانين والمعاهدات الدولية تقضي باحالة كل من يشتبه بمسؤوليته المباشرة وغير المباشرة عنها(او يتماهل في واجبه حيالها) الى العدالة حتى تثبت براءتهم
في المعاهدات الدولية ذات الصلة يرد في اكثر من نص القول ان الاختطاف لاسباب سياسية جريمة يجب ان لا تُغتفر، ولن تسقط المطالبة بالقصاص من المجرمين بالتقادم.
***********
المتنبي:
«اذا عظم المطلوب قل المساعد».
عبدالمنعم الأعسم
جريمة لن تُغتفر
التعليقات مغلقة