سنوات عمرها لم تتخط الخامس عشر ربيعاً، جميلة تتنقل كالفراشة في عزاء احدى قريبات أمها لم يسمع لها صوت ولم تثقل خطواتها الأرض، ملامحها مازالت تصدح بالطفولة وضحكتها تخبئها خلف خجلها البريء الذي يستحيل ان تصدق انها يوماً كانت متزوجة من ابن جيرانها الذي فرضه عليها والداها بحجة انها «لا تفلح بالدراسة «وانه عريس لا يفوت لكون ذووه يملكون المال والمال فقط تزوجت تلك الطفلة من طفل يكبرها بثلاث سنوات لم يكمل دراسته الإعدادية بعد.
تمت مراسيم الزواج والهرج والمرج واستعراض المال والبذخ وبعد مدة بسيطة بدأت معاناة العروس الصغيرة، اذ تحولت الى خادمة مطلوب منها العمل طوال اليوم في التنظيف والغسيل والطبخ وفي نهاية اليوم يجب عليها ان تكون اميرة وانيقة بكامل هندامها أمام زوجها، محذريها من الشكوى او الكلام عن كل ما يدور في منزلهم من أحاديث في حين انهم بادروا بالشكوى لأهلها بانها غير نظيفة ولا تلبي احتياجات زوجها وتتجاوز على والدة زوجها واخواته وارسلوها اليهم لكي يدخلوها في دورة تدريب على اعمال المنزل وكيفية تلبية احتياجات زوجها .
لم ينصفها أهلها بل وقفوا الى جانب اهل زوجها.
عادت وهي منكسرة وتكررت المعاناة بل وتضاعفت اذ لم يعد أحد يناديها باسمها بل يلقبونها « بنت الفكر « لكونهم حديثي النعمة فقد عاملوها بما هم اهله، هذه المرة اجتمعوا عليها وضربوها ولفقوا لها تهمة بأنها على علاقة بأحد أبناء لجيرانهم مع العلم ان ابنتهم هي التي كانت على علاقة به.
هربت الى أهلها واخبرتهم بكل ما دار وجاءوا « اهل زوجها « مهددين والدها انهم سوف يفضحون ابنته فيما لو تحدث بأي كلمة مما تحدث به وأخبروه بصريح العبارة انهم يريدون تطليقها لأنها لم تعد مصدر ثقة بالنسبة لهم.
وبالفعل تم الطلاق بعد اقل من شهرين من الزواج الميمون ولم يجنِ الاهل سوى ان ابنتهم بعد ان كانت لديهم معززة مكرمة عادت منكسرة ومجروحة بعد تجربة اقل ما يقال عنها مريرة.
وحين سؤال الام عن سبب طلاق ابنتها تجاوبهم انها «القسمة والنصيب « الشماعة التي يعلق عليها اغلب الأهالي فشل زواج بناتهم وابنائهم. ولم تجرؤ ان تقول انهم السبب الرئيسي لكل ما حدث لا بنتهم التي دفعت وحدها ثمن هذا الارتباط الفاشل.
زينب الحسني
قسمة ونصيب
التعليقات مغلقة