1
لَديَّ رزْمَة رسائل تَجَمَّدَتْ ولَم أجب عَلَيْها.
لا شَأن لي بتَملّق الآخرين والتَلَطّف اليهم،
وارتكاب الخَطأ عادة دأبْتُ عَليْها لئلا أسبِّب
لنَفْسي الألم. انْفَجَر البُركان وَكُنْتُ في أَوَّل
شَبابي أحْلَمُ بالرِحْلة الى بَيْروت، وعلى الرَغم
مِن أن العَيْش فيها لَم يَكُن بمأمنٍ مِن ما
حاوَلْتُ الهروب مِنْه. أحْرَقْتُ صور الدَهاليز
والنَوافذ الرَتيبة لحَياتي ولَم أرْغَب في الذهاب
الى المُخْتَبرات لاطالة أمد العُمر. التَهَمَت
نيران القَنابل الأوراق المَدْفونة للشباب والشيوخ
ولا أحد عَرف أين سَهَروا بَعْد نَهاية الحَريق.
لَو كُنْتُ قَد حَصَلْتُ على منْحَة دراسية أو مَعونة
مِن الدولة، لأنْفَقْتها على الأكل والشَراب في بَلَدٍ
أجْنَبي. ماضي حَياتي يُغطّيه رَماد مَداخن وَحُمِّى
تَئزُّ مُخْتَبئة تَحْت جَليد الحُلم، ولا يُمكنني الآن أن
أهشِّم ريش الشموع بالفأس. الألم وَنقيْضه لَهما
شَكْل التمْثال، لَحقا بي ولَم أنْدم على اضاعة أيّ
مفْتاح يوصلني الى الصَيادلة. هَل أنْتَحل الأعْذار
للذين ماتوا ولَم أجِب على رسائلهم؟ صافَحْتهم
مِن قبل وَكانَت لي نَفس انْفعالاتهم. مَرَّتْ الغيوم
فاسْتَلْقيْتُ على مرآة المَرض وَنَجوتُ مِن النَوم
على ارْجوحة في المُسْتَشْفى.
2
تَكَهَّنَ ماركو بولو أثْناء وصوله الصين بمَجيء قَوارب،
تنْقلُ المُشَرَّدين الى أماكن يَحْصلون فيها على الطَعام
بالمجَّان. لادْراكي بأنَّي سأعيش فَقيراً على الدوام وَلا
أحْصَلُ على لَتر مِن بترول بلادي، لَم أنْتَظر البَواخر
التجارية. باغَتُّ رجال الشرْطة الذين كانوا يَتِغدَّون بَين
الخزامي وَرَحلْتُ أبْحَثُ عَن امرأة تشْبه نَفَر تيتي.
تَوَقَّفْتُ الآن عَن الشكاية مِن المليارات التي تَتمّ سرقتْها
وَحَزمْت أمْتعَتي بانتظار العَوْدة الى وَطني. أشْجار النَخيل
على ضفاف نَهر دجْلة، تُضمِّدُ جروح المَقْتول وتعيده الى
الحَياة. طاهرة وتحافظ على العَهد. لا يهمّ جلوسي على
مصْطَبة ببغداد أنْتَظرُ اشارة بالحصول على عكاز. أَيامي
كلّها خَيْبات مَطَّاطيّة والمرأة التي أحاول العثور عَليْها بَعد
أن تَرَكت العَيش مَعَ العاهرات. ذَهَبَت الى المَصْرَف للاطلاع
على سَبائك ذَهبها المشابهة لاسمنْت الشَوارع. مِن جان دَمّو
تَعَلَّمْتُ أكْثَر مِن طَريقة للافلات مِن سموم الايديولوجيا، والآن
بامكاني التَنصّل مِن كُلِّ أمل بالثَرْوة.