نفوذ الحزب ونفوذ الدولة

لم تتبلور في العراق تجربة ناضجة يمكن الاطمئنان اليها في تحرك الاحزاب ونشاطاتها ضمن مساحة الدولة ..وماتزال الخطوط عائمة للفصل بين العمل الحزبي والعمل الحكومي ضمن مؤسسات الدولة ..ويخشى كثيرون من هذا التزاحم وهذه الفوضى وهذا الخلط بين ماهو حزبي وماهو حكومي بما يحقق للدولة العراقية مكانتها وهيبتها ..ويحفل المشهد العراقي منذ سنوات طويلة باحداث ووقائع تفرض نفسها وتؤكد بأن تجربة الديمقراطية والتعددية التي خرجت منها منظومة الحريات العامة ما تزال تجربة متعثرة لا يجد فيها المواطن العراقي في كثير من الاحيان اي اثر للدولة وفي احيان اخرى يجد الدولة وقد تقاسمتها الاحزاب او تناصفتها الكتل او ذابت في صفقات المحاصصة الطائفية والحزبية ..
وخلافاً للانظمة الديمقراطية الناضجة في العالم تتبعثر مكونات الدولة وتصادر في كثير من الحالات قوانينها وقراراتها بتسلط وجبروت وطغيان زعيم حزب او بقوة فصيل مسلح او نفوذ حزب حاكم ولربما كان الصراع في العراق بين الاحزاب والدولة أنموذجاً حياً لفشل تطبيق منظومة القوانين في العراق التي تقع على عاتقها مهمة الفصل بين السلطات وتحديد المسؤوليات والمهام في الحكومة والدولة ومراقبة التجاوزات والانتهاكات التي تمارسها كيانات واحزاب سياسية تحاول في اية فرصة النيل من الدولة او ثلم سيادتها ومن يريد التعرف على هذه الانتهاكات والتجاوزات بامكانه مطالعة ماتبثه يومياً نشرات الاخبار عن الاحداث في العراق التي تحفل بممارسات تصل في خطورتها الى مستوى تهديد الامن الوطني والقومي للبلاد وتشويه سمعتها بين الدول الاخرى واضعاف قدرات الدولة عامة والحكومة خاصة في سعيها وجهودها من اجل تثبيت دعائم الاستقرار والامن في كل بقعة من بقاع العراق ومالم تظهر السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الوزراء والوزراء والمحافظين والمسؤولين عن ادارة المؤسسات العراقية في الداخل والخارج صلابة واصراراً وحرصاً على تطبيق القوانين المرعية التي نص عليها الدستور بكل امانة ومن دون تردد او خوف فاننا مقبلون على فوضى عارمة يصبح فيها العراق مسرحاً للتنازع على السلطات وتضيع فيها حقوق المواطنين ويصعب التمييز فيها بين نفوذ الاحزاب ونفوذ الدولة وتصبح الحاجة ملحة للاعلان بنحو واضح وصريح عن الخطوط الحمر التي لايجب تجاوزها من قبل أي حزب او زعيم او ممثل لهذا الحزب في أي نشاط او حدث يرتبط بسيادة الدولة وهويتها ومن غير ذلك ستهتز كثيراً عناوين الثقة بين الدولة وشعبها وسيشكك الكثيرون بوجود كيان اسمه دولة.
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة