بعد انضمام الكثير من رعاياها للتنظيمات الإرهابية
ترجمة: سناء علي
تناول تقرير على موقع «ذي أميركان إنترست» محاولات الصين تعزيز تواجدها في الشرق الأوسط، فيما يصفه الكاتبان ريتشارد فونتين ومايكل سنغ بأنه رسالة من الصين إلى الرئيس الاميركي دونالد ترامب حول انحسار دور أميركا في المنطقة.
وقال الكاتبان في التقرير، إن تنظيم داعش أصدر تسجيلًا مرئيًّا هدد فيه بـ«إراقة الدماء مثل الأنهار في الصين»، إذ ظهر مسلحون من أقلية «الإيجور» المسلمة وهم يحرقون العلم الصيني. وتشير التقديرات إلى أن نحو 100 صيني قد غادروا بلادهم للانضمام إلى الجماعة الإرهابية. كما يظهر ذلك بوضوح العلاقة الوثيقة بين التهديدات الأمنية المقبلة من الشرق الأوسط، والمصالح القومية الصينية.
واضافا « اتسع نطاق الأنشطة الصينية في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، بل وتعدى دورها حدود المنطقة. وفي الوقت الذي تغيرت فيه معالم السياسة في المنطقة بسبب التدخلات الروسية، وازدياد حدة التنافس بين القوى الكبرى.»
يرى الكاتبان أن « على إدارة ترامب أن تدرك أن نفوذ القوى الكبرى في الشرق الأوسط يتعاظم، وأنه لا بد من مواجهة الدور الصيني الجديد، وإدراك كيف أن النشاط الصيني في الشرق الأوسط يلقي بظلاله على العلاقات بين البلدين.»
في (شباط) من عام 2011 –كما يقول الكاتبان « أعلن المسؤولون العسكريون الصينيون في خطوة تاريخية إعادة توجيه الفرقاطة زوتسو –التي كانت تكافح القرصنة في خليج عدن– نحو شواطئ ليبيا لإجلاء رعاياها الفارين من جحيم الحرب الليبية. لم يكن ذلك يمثل فقط أول عملية بحرية استطلاعية في العصر الحديث، وإنما مثّل أيضًا أول عملية استعمال للنقل الجوي لأغراض إنسانية.وأظهر ذلك القدرات والالتزامات الصينية الجديدة في المنطقة. كما شاركت السفن الصينية أيضًا في إجلاء الرعايا غير الصينيين من ليبيا، وأعادت الكرّة مجددًا في اليمن. ومما لا شك فيه أن هذا قد أظهر للقادة الصينيين فائدة الانتشار السريع للقطع البحرية. وقد أسهم ذلك أيضًا في اتخاذ الصين قرارًا بإنشاء أول قاعدة بحرية خارج حدود الصين في جيبوتي، التي ستستضيف 10000 فرد، وستقع بالقرب من معسكر ليمونير الاميركي.»
واشار الكاتبان ايضاً انه « فوق كل هذه التطورات التاريخية، يأتي التوسع الاقتصادي الصيني المتسارع في الشرق الأوسط. أدت زيادة حاجة الصين إلى الطاقة لاستيرادها حاليًا أكثر من نصف احتياجاتها من النفط من دول الخليج. بل وقد تجاوزت الصين الولايات المتحدة وأصبحت الزبون الأول لدى السعوديين. وعلى الرغم من عدم حدوث لقاء بين ملك السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الصيني شي جين بينغ، برمزية اللقاء نفسها الذي عُقد بين الرئيس الاميركي فرانكلين روزيفلت، والملك عبد العزيز بن سعود على متن البارجة الحربية USS Quincy عام 1945 في قناة السويس، إلا أنه من المتوقع حدوث ذلك قريبًا.»
الأكثر من ذلك –يضيف الكاتبان « ازداد حجم التبادل التجاري بين الصين ودول المنطقة في السنوات الأخيرة، ليتضاعف بنسبة 600% في العقد الأخير. بلغ حجم الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط أكثر من 160 مليار دولار بين عامي 2005 و2016، وقد تعهد الرئيس الصيني باستثمار 55 مليار دولار أخرى إضافية في صورة استثمارات وقروض، وذلك خلال جولته في المنطقة في يناير (كانون الثاني) الماضي. إضافة إلى ذلك، تسعى الصين إلى تنفيذ مبادرة «حزام واحد وطريق واحد»، التي تهدف إلى إنشاء البنية التحتية لطرق نقل برية وبحرية تمر من الصين عبر وسط آسيا والشرق الأوسط، ووصولاً إلى أوروبا. ربما تكون قاعدة جيبوتي هي المنشأة البحرية الصينية الوحيدة حاليًا، لكن الصين تستثمر في موانئ تقع على طول خط الحرير البحري الذي ينطلق من إسرائيل.»
يقول الكاتبان إن « السؤال الجوهري هنا بالنسبة إلى كل من واشنطن وبكين، هو ما الذي يعنيه هذا التوسع المستمر في المصالح الاقتصادية بالنسبة للدبلوماسية الصينية وجيش التحرير الشعبي؟ سعت الصين إلى بناء علاقات طيبة مع جميع الدول في الشرق الأوسط في آن واحد. وتقوم السياسة الصينية على مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول، وقد عملت بجد من أجل تهدئة جميع أطراف أي صراع في الشرق الأوسط: فأقامت علاقات متوازنة مع السعوديين والإيرانيين، وتواصلت مع طرفي الحرب الأهلية الليبية، بل واعترفت بحكومة حماس في غزة، على الرغم من عدم ثقتها في حركات الإسلام السياسي وعلاقاتها الاقتصادية المتينة مع إسرائيل.وعلى الرغم من رغبتها المزعومة في الوقوف على الحياد، إلا أن بكين تنحاز إلى أطراف على حساب اطراف أخرى. فقد أيدت الصين الفيتو الروسي على العديد من القرارات التي قدمتها الولايات المتحدة حول سوريا، وأرسلت مسؤولين عسكريين إلى دمشق وسفنًا حربية إلى البحر المتوسط؛ لتنفيذ تدريبات مشتركة مع روسيا، وتعاونت استخباراتياً مع النظام السوري، وذلك وفقاً لما صرح به بشار الأسد في أحد اللقاءات التلفزيونية.»
ويؤكد الكاتبان أن « الصين حافظت على علاقاتها مع أقوى دولة في المنطقة غير حليفة لواشنطن، وهي إيران. إذ يزداد النشاط التجاري بينهما، وتعد طهران ضامنًا لأمن الطاقة الصيني. ساعدت الصين إيران في بداية برنامج طهران النووي، وسعت إلى التخفيف من وطأة العقوبات الدولية على الرغم من التصويت لصالحها. وثمة تعاون عسكري وثيق بين الطرفين.»
* عن موقع «ذي أميركان إنترست»