عمار البغدادي
لايعني استذكار نهج ومواقف وافكار الامام محمد باقر الحكيم البقاء في الحالة نفسها التي تشكل منها نهج الثورة والمعارضة ونظام التصدي المسؤول للنظام العراقي السابق بل يعني التجديد واعادة تشكيل مواقف وافكار ونهج يديم المشروع الاول ولايتخطاه واحداث اختراق ايجابي حقيقي في بنية التنظيم يكون معها قادراً على استيعاب اشواق الامة ومتطلبات الدولة ولايتعارض والنهج والمشروع الاول او الذهاب الى تسميات استفزازية لاتليق بتاريخ التجربة الاولى للمجلس الاعلى وتطعن بجهود النخب والرجال والجهود التي اشتغل عليها المجلس قبل 30 عاما من الان.
ان التخطي عملية غير مسؤولة لاتمارسها الا الامم والنخب المحكومة بنظام «اللعنة» كما في قوله تعالى «كلما جاءت امة لعنت اختها» ونحن من الذين يؤمنون ان السيد عمار الحكيم ليس في وارد ازاحة احد قدر مايشتغل الرجل برؤية مختلفة مثلما اشتغل السيد الشهيد في يوم ما قبل ربع قرن بمشروع ورؤية وقفت الكتير من التيارات والاحزاب العراقية الاسلامية ضدها وربما كان خروج غالبية تلك الاحزاب من المجلس اواسط الثمانينيات وقدمت استقالات جماعية نوعاً من الاعتراض على اصراره في تنفيذ رؤيته فلماذا نقدس ونلح على تاصيل الرؤية الاولى ونتهم الرؤية الثانية بالازاحة الجيلية؟!.
في ظني ان كل الكلام الذي خرج من البيت الحزبي للسيد عمار الحكيم والخاص بالازاحة الجيلية لم يكن مسؤولا لكن السيد غير مسؤول على الكلام غير المسؤول والتنظيمات العربية والعراقية يحدث فيها كلام كثير بعد كل هزيمة او مرحلة او نهاية شوط وبداية آخر لكن ليس بالضرورة ان كل مصطلح او شيوع اي ظاهرة او فكرة نقيضة يعني ان القيادة هي المسؤولة عن ترشيدها واشاعتها.
نقل لي قيادي في المجلس الاعلى ان السيد الحكيم وبخ بنحو واضح وبكلام قريب الى القسوة منه الى الارشاد والتوجيه جماعة الازاحة الجيلية وقال لهم مامعناه ان هذا الكلام غير لائق لانكم تريدون ازاحة الجميع من المسيرة وتلك مسيرة طويلة وفيها من ضحى وقدم وقاتل ومن غير الممكن الاطاحة بهذا الرعيل الذي رافق كل التحولات الثورية والسياسية في البلاد وفي المعارضة العراقية السابقة ودعا في نهاية حديثه الى ضرورة العمل على «التكاملية» أي ان يتم العمل على اساس التكامل بين الاجيال في المجلس الاعلى وليس الازاحة.
اذن السيد الحكيم يدعو الى الازاحة ويرفض في الوقت نفسه سريان خط الاطاحة في المجلس الاعلى.
مااريد قوله هنا ان السيد الحكيم « وهذا هو المهم في الموضوع» لم يتخط شهيد المحراب ولم يشتغل على مشروع مغاير لمشروع المجلس الاعلى اما الجماعة الشبابية التي انشأها وسماها امل فهي فصيل يتحرك بالاليات التنظيمية المعروفة ويشكل حالة ساندة لحركة المجلس في العراق وهو حالة موجودة في كل التنظيمات العربية وليس في العراق وحسب..حزب الله لديه كشافة الامام المهدي وامل لديهم فصيل رديف وهكذا تتحرك تلك الفصائل النخبوية والشبابية في دائرة الاحزاب الكبيرة لكي تتعلم منها وتتحرك على وفق نهجها وتلبي حاجات التنظيم العامة ولم يحدث ان اشاعت كشافة الامام المهدي مصطلحاً مغايراً في الحزب او اطلق شباب حركة امل كلاماً مماثلا عن رجال موسى الصدر!.
بقيت ملاحظة في غاية الاهمية من وجهة نظري هي ان التحولات التي تجري في المجلس الاعلى لجهة تغيير مواقع ووزارات ووزراء وانسحابات من مواقع ونزول لمواقع اخرى هي حالة طبيعية يجب ان يستوعبها المنسحبون او المبتعدون عن مواقع العمل الحكومي كونها حالات عادية تحدث في كل التنظيمات السياسية ومن يرى الصورة التلفزيونية العربية سيجد وجوها كانت في قمة هرم السلطة ثم تم اعفاؤها او تركت العمل الحكومي بتقديم استقالاتها لكنها بقيت في دوائر العمل خلف الصورة الاولى.. هذا يعني ان الاولوية للعمل الثوري والسياسي في التنظيم وليس الموقع والكرسي الحكومي وهذا سر بقاء منظمة التحرير الفلسطينية وانهيار احزاب عربية واسلامية عولت على الكرسي ونسيت وظيفتها الثورية في الامة !.
مثال د. الجنزوري كان رئيساً لوزراء مصر في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك لكنه عاد الى الصورة التلفزيونية مستشارًا لدى الرئاسة المصرية في عهد السيسي اما وزراء السلطة الفلسطينية فهم مسؤولون في مواقع الحكومة الوطنية وزراء في الصورة الاولى لكنهم ثوار ومناضلون بعد انتهاء الفترة الوزارية.
هذه الديناميكية الوطنية تفتقدها اغلب الاحزاب العراقية والاسلامية الشيعية خصوصًا والا اروني وزيراً ثوريا بقي في مكانه بالتنظيم بعد انتهاء فترة وزارته ولم ينتقل الى قائمة انتخابية اخرى زعلان لايلوي على شيء!.
مااود قوله بود لسماحة السيد ..ان عليه استيعاب ردات الفعل الشخصية التي تصدر على هامش تحولات الدولة والوزارة في التنظيم والحرص على عبور المشكلات الناشئة ازاء ماتمر به الدولة العراقية من صعود ونزول في المناصب الحكومية في حزبه وان لايسمح لمن يتسقط الخلاف بالافادة من تلك الاجواء لصالح عمليات شحن وتوتير ليست من مصلحة المجلس خصوصاً وان التنظيم مقبل على انتخابات وطنية مهمة وعليه الذهاب الى الانتخابات بروح عالية وببنية تنظيمية غير مختلفة على نفسها وان يكسر حاجزاً ربما تخلقه ظروف النقاش الحاد في الغرف التنظيمية ازاء اشخاص واعضاء في المجلس كانوا فيما مضى اخواناً له في مسيرة التحديات الوطنية الطويلة.
عليه ان يكسر حاجز الاعتراض امام مصافحات مجلسية في الداخل بعد ان جلس مع خصوم للوطن في الخارج وتبنى مشروع التسوية الوطنية مع اكثر الخصوم عداوة لنا وللتجربة الوطنية ومن ينهض بمشروع التسوية مع الخصوم سيكسر حاجز الاعتراض ازاء مصافحة اخوانه كما ان على الاخوان المختلفين معه ادراك ان من يصافح خصماً في اطار تسوية وطنية لديه قلب قادر على كسر حواجز الاعتراض امام مصافحة الشقيق!.
على السيد ان لايدع احداً من الذين لم تنضج رؤية الاصلاح التنظيمي في نفوسهم بالتمادي على تاريخ سابق كان الامام الشهيد جزءا منه وحالة متصلة وملتصقة فيه حيث يزاح الامام مع من يزاح اذا مامضى هؤلاء في النظرية الى آخر الشوط واظن ان السيد وقف بحزم في مواجهة هذه الظاهرة واوقفها وعلى الاخرين ان يتوقفوا عن الهمس بها خارج مربع الجادرية!.
شهيد المحراب ..محطة لاستذكار النهج
التعليقات مغلقة