مع اقتراب اعلان النصر الحاسم في الموصل، وتحرير الارض العراقية من الدواعش، سيكون الاعلام العراقي امام امتحان كبير هو ماذا سيقدم للناس بعد عودة الجيش من القتال، وعن ماذا ستسلط الاضواء، وسيكون على النواب والسياسيين صياغة خطابهم السياسي الذي يبررون فيه سبب وجودهم من دون غيرهم، وسيكون امام الدولة مهمات كبيرة في مقدمتها كيفية العمل على عدم تكرار ماجرى من كوارث كان المتسبب الاكبر فيها تصرفات حمقاء من بعض اعضاء البرلمان والمجالس النيابية.
بعد تحقيق النصر الكبير، وبعد انتهاء نشوته بعد اسابيع سينتهي معها العامل الذي اتفق ويتفق عليه الجميع، وستبدأ مرحلة اخرى من التشابك وخلط الاوراق والهجمات المتبادلة بين شركاء العملية السياسية، حينها سيكون من الصعب ايجاد عدو جديد يجمع شتاتنا، ويهذب سلوكنا، ويضبط ايقاع خطابنا، فلكل حزب وكتلة عدو خاص وصديق مختلف وخطاب سياسي يستند الى المصلحة الحزبية اولا.
مشكلة العمل السياسي لدينا انه يعمل بقاعدة واسعة، لضمان توسيع حجم المشاركة السياسية، لكن ثبت انها مشاركة معرقلة تفتقر الى الوعي، والى النضج، والى الفهم احيانا، وهذا يؤدي الى خلل في وظائف الدولة وكفاءتها، كون المشاركة تتم بالامتيازات من دون تحمل مسؤولية الاخفاقات.
ثم ان ضمور المنجز لدى الكثير من الشركاء السياسيين حول الخطاب من ايجابية التغني بالمنجزات والتذكير بها بنحو او بآخر، الى سلبية التغذي على اثارة اخطاء الخصوم او هناتهم، والتذكير بعيوب الآخر المنافس، فنيل الكراسي البرلمانية لايتم دائما على وفق خطاب اخلاقي هاديء، بل على الاغلب يتم على وفق قاعدة الغاية تبرر الوسيلة.
ان الخطاب السلبي الذي تنتجه فضائيات وشخصيات برلمانية وحزبية مختلفة الاهواء والامزجة والاهداف والرغبات، تسبب في اثارة سحابة سوداء غطت صورة العراق الدولية وشوهت الكثير من معالمها، لتعطي للعالم انطباعا سلبيا عن العراق الذي من المفترض انه يعيش افضل حالاته وابهى حقبه السياسية في ظل دولة ديموقراطية، وشعب قوي اثبت للدنيا شجاعته الفذة.
لكن الدولة والتجربة تعثرت كثيرا وربما السبب الظاهر هو تحديات خارجية ومشكلات داخلية، لكن كما يبدو ان السبب الاهم في تعثر التجربة هو الشراكة غير الناضجة بين الطبقة السياسية ورجالها المتكالبين والمتصارعين على السلطة والثروة على حساب استقرار وازدهار الشعب والوطن.
اذن نحن بحاجة كبيرة الى شراكة ناضجة، والى خطاب وطني متوازن مسؤول يضع في حساباته ثوابت ومشتركات الانتماء للوطن واحترام القانون والايمان بالسلام والعمل من اجل الرخاء والازدهار للجميع.
عباس عبود سالم
بعض ملامح خطابنا المقبل
التعليقات مغلقة