حسن البطل
ينشر بالاتفاق مع صحيفة الأيام الفلسطينية.
إذا افترضنا أن إدارة الرئيس دونالد ترامب هي مثل فريق رياضي للعبة «كرة القاعدة»، أشهر ألعاب الرياضة الأميركية، فقد نرى في ممثله الخاص، جيسون غرينبلات، بمنزلة دور لاعب «الظهير الربعي» في اللعبة، أي أهم لاعبي الفريق، وأن ترامب هو مدير الفريق.
ثلاثة أو أربعة من إدارة ترامب هم يهود، بما فيهم صهره وممثله الخاص، الذي خلع قبعة «الكيبا» عن أم رأسه خلال جولته الاستطلاعية الأولى في إسرائيل وفلسطين!
مؤخراً، صار هذا «البيبي» يدعي أن الاستيطان ليس هو المشكلة التي تعوق إرساء سلام فلسطيني ـ إسرائيلي، بينما يرى العالم في الاستيطان عقبة رئيسة تهدد «حل الدولتين»، كما أشارت، أيضاً، الست أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفلسطيني، في توقيت صادف إخفاق مباحثات عقدها في واشنطن وفدان رفيعا المستوى في الاتفاق لإقامة جهاز تنسيق مشترك للبناء الاستيطاني اليهودي.
هل سنرى في جهاز التنسيق هذا بداية صفقة صغرى ثنائية، تمهد لـ»صفقة» كبرى وتاريخية يريد ترامب اجتراحها في السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي؟
إذا لم تتفق إدارة ترامب مع حكومة إسرائيل على مفهوم لـ»تحجيم» الاستيطان، فكيف ستتفقان على «حل الدولتين أو الدولة الواحدة»، كما خير ترامب الجانبين، في مؤتمره الصحافي الأول المشترك مع السيد «بيبي»؟
أوسع الصحف الإسرائيلية انتشاراً، «يديعوت أحرونوت» نقلت عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله، «غرينبلات هو توأم أوباما». الحقيقة أن ترامب هو غريم أوباما وكريهه، الشخصي والسياسي، وليس فقط في موضوع «الحل بدولتين وبالتالي رؤيته للاستيطان كعقبة تهدّده بالتقويض.
إضافة إلى حديثه عن تسوية الصراع بوصفه «صفقة» سياسية ذات مفهوم تجاري، فالرئيس ترامب يستعمل عبارة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أو سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وليس سلاماً يقوم بين دولتين!
يرى بيبي أن السلام السياسي العربي ـ الإسرائيلي قد يشكل مدخلاً لسلام يحلّ المسألة الفلسطينية ـ الإسرائيلية، بينما يرى فريق ترامب في السلام الاقتصادي الفلسطيني ـ الإسرائيلي توطئة لسلام دولتين أو دولة واحدة.
بالفعل، كانت تنمية اقتصاد الضفة، وإعادة إعمار قطاع غزة من بين ثلاثة مواضيع، إلى جانب «تحجيم» الاستيطان، فشل الجانبان في الاتفاق عليها بوصفها رزمة تمهيدية لـ»الصفقة» الكبرى ـ التاريخية.
قيل إن «تحجيم» الاستيطان يستثني الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية وما يتعداها إلى الضفة الغربية، وكذا الكتل الاستيطانية، بل وحتى أن يقتصر البناء في مستوطنات شرق الجدار على التوسع العمودي وليس الأفقي.
إسرائيل تتوسع في بناء الكتل الاستيطانية أفقياً وعمودياً، وتتوسع في بناء المستوطنات خارجها أفقياً للسيطرة على أكبر مساحة من الأراضي، وتقيم المستوطنات على رؤوس التلال، وتعد سفوح التلال مناطق نفوذ لها، لتشكيل كتلة أخرى لاحقة في عمق الأراضي المحتلة.
قدم الرئيس السابق، أوباما، لإسرائيل أكبر صفقة أمنية بقيمة 38 مليار دولار على مدى عقد من السنوات، وكان عليه أن يشترط عليها وقف التوسع الاستيطاني، إن لم يكن شاملاً، ففي الأقل خارج الجدار.
على السيد ترامب أن يعاقب إسرائيل أكثر مما عاقبها أوباما في آخر أيامه، بالامتناع عن نقض القرار 2334، في حال تقديم فلسطين مشروعاً آخر لمجلس الأمن حول الاستيطان، أي أن يوافق على المشروع.
سبق لمجلس الأمن أن وافق على مشروع «الحل بدولتين» الذي اقترحه الرئيس بوش الابن، ومن شأن موافقة أميركا على الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ودولته، أن يجعل إسرائيل معزولة عن أقرب وآخر حلفائها في العالم.
ربما، أيضاً، على الرئيس الفرنسي هولاند قبل أن يغادر منصبه أن يعترف بدولة فلسطين، بما يشجع دول الاتحاد الأوروبي على الاقتداء بفرنسا.
ربما، أيضاً وأيضاً، على ترامب أن يحدد موعداً قريباً لزيارة الرئيس الفلسطيني لواشنطن والبيت الأبيض، وأن يتعامل معه بروتوكولياً بصفته رئيس دولة.
17 نيسان المقبل
كانت الحركة الأسيرة قد قدمت مشروعاً للقيادة الفلسطينية حول تحقيق وحدة وطنية بعد فوز حركة حماس في الانتخابات.
بالفعل عقد، آنذاك، في «المقاطعة» اجتماع شاركت فيه، إلى جانب الرئاسة الفلسطينية، رئاسة حركة حماس للبرلمان، وكذا نوابها في المجلس التشريعي المقيمون في الضفة الغربية، على امتداد أكثر من عشر سنوات فشلت كل المحاولات والاتفاقات لرأب الصدع.
الآن، قررت حركة فتح في سجون الاحتلال انتهاز «يوم الأسير» في 17 نيسان المقبل، لبدء إضراب شامل عن الطعام، بقيادة عضو اللجنة المركزية الأسير مروان البرغوثي، بدلاً من إضرابات جزئية عن الطعام، نجحت في تحرير سجناء إداريين، فإن إضراباً عاماً يبدأ في «يوم الأسير» قد ينضم إليه باقي الأسرى، بمن فيهم أسرى حركة حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية، بما يشير إلى وحدة الحركة الأسيرة، ويؤكد على أهمية دورها في جهود إنهاء الانقسام الفلسطيني.
تقرير ملادينوف
بعد تقرير «الإسكوا» وسحبه من الأمين العام للأمم المتحدة، أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أربعة قرارات حول إدانة الاستيطان، بما في ذلك القدس، وكذا حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، برغم مقاطعة أميركا لاجتماع المجلس، ومعارضة دول الاتحاد الأوروبي وسويسرا لأنها ترى فيه خلطاً بين مكافحة وإدانة الإرهاب، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، بما فيه الكفاح ضد الاحتلال ومقاومته حتى بالسلاح!
وفي أول تقرير لمبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف، لمتابعة قرار مجلس الأمن 2334، جاء أن إسرائيل لم تنفذ طلب مجلس الأمن وقف الاستيطان سواء في الأراضي المحتلة أو القدس المحتلة.
كان يفترض أن يكون التقرير كتابياً ليكون مرجعاً آخر ووثيقة وليس إفادة شفهية. بانتظار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة.