فنان “نازح” ينتظر على قارعة الوطن من يحمي إنسانيته من ضياعها

بغداد – احلام يوسف:
احمد ايتاج فنان تشكيلي عراقي، ومدرس تربية فنية، كان يعيش حياته بسلام مع ريشته، والوانه، ومدرسته حيث كان يعمل بمدينة تلعفر الواقعة في مدينة الموصل، تلك الحياة برغم بساطتها، لكنها كانت كل ما يملك من حقه في وطنه.
بعد اعصار الارهاب في الموصل الذي اكتسح مدنها، وحوّلها الى خراب، لم يسلم منه حجر ولا بشر، فكان ان هجرتها الحياة، الحياة الانسانية الطبيعية، التي قد لا يطمح اليها أحد، لكن في الاقل كان يعيشها اهلها راضين بها، متعايشين مع تفاصيلها، والنتيجة كانت تهجير وقتل وهرب الآلاف من اهلها، وبقي منهم من بقي لأسباب عديدة.
ايتاج وبوصفه فنانا، والفن كان أحد المحرمات التي تؤدي بصاحبها الى الموت، لذلك فقد هجرها من دون ان يحمل معه شيئا، الا جسده المنهك، وروحه التي اضناها تعب النفس، والصدمة والقلق من الآتي.
التقينا ايتاج وكان من الطبيعي ان نسأله اولا عن موهبته، بدايتها وأول رسوماته، فذكر انه في مرحلة الطفولة كان يرسم على رصيف الشارع بواسطة الطبشور، اشكالا ووجوها لبعض الفنانين: كنت اتابع الملصقات على دور السينما في اثناء عرض فيلم معين، وبطبيعة الحال كانت عبارة عن صور كبيرة جدا تتضح من خلالها معالم الصورة، وملامح صاحبها، لذلك فقد نقلت بعض هذه الصور على الشارع، واذكر من ضمن الشخصيات التي قمت برسمها، وكانت هي اولى رسوماتي، شخصية “طرزان”، ومن ثم “بروس لي” الذي كان يمثل ظاهرة وقتئذ، وايضا الفنان التركي ابراهيم تاتلس.

هل شاركت سابقا بمعارض فنية في اثناء دراستك؟
نعم في مرحلة المتوسطة كنت اشترك بالمعارض المدرسية وكنت استعمل الالوان الزيتية في لوحاتي، برغم انها تحتاج الى خبرة وتقنية عاليتين، وهذا ما دفعني الى ان احلم بدخول كلية الفنون، لكن للأسف بُعد المسافة ما بين منطقة سكناي، والكلية، حال دون تحقيق هذا الحلم.

الم تفكر فيما بعد بالتقديم للدراسة المسائية؟
بالتأكيد فكرت بذلك لكن كان عليّ بعد اكمال دراستي بمعهد التكنلوجيا، ان التحق بالجيش، ومن حسن حظي فقد افتتح في تلك الاثناء فرع لكلية الفنون قريب نسبيا على منطقتنا، فاستطعت ان احقق حلمي، وواصلت المسير في طريق هذا الحلم، فاقمت معارض مشتركة مع فنانين عدة بمدينة الموصل وتلعفر، اضافة الى المعارض المدرسية، الى ان دخلت داعش وقلبت كل الموازين وحولت الاحلام الى كوابيس.

ما الذي تغير في حياتك بعد دخول داعش؟
كل شيء تغير، لم يبق شيء على حاله، فقد كانوا كما الاعصار، دمروا كل ما، ومن صادفهم على الطريق، نهبوا، وقتلوا، وخربوا كل تفاصيل الحياة، واضطررت مثل الآلاف الى هجرة بيتي ومنطقتي، فانتقلت الى مدينة كربلاء التي احتضنتني ومعي الكثيرين، واستطعت ان أكمل شوطي في هذه المدينة، واستعيد وظيفتي كمدرس للتربية الفنية، اضافة الى اقامتي عدة معارض هناك، وحصولي على شهادات تقديرية عديدة.

هل هناك امل بالعودة بعد تحرير مدن الموصل بالكامل؟
لا اعرف لان المشكلة ليست مع داعش فقط، بل مع السياسيين الذين ساعدوا هذا التنظيم الارهابي في غزوه تلك المناطق، انا ومثلي الكثير نفكر الآن بالهجرة برغم لوعاتها، لكننا نجد ان اوروبا ستوفر لنا ما لم يوفره لنا سياسيونا، الذين يفترض بهم ان يكونوا حماة البلد، ستوفر لنا حياة كريمة، واحترام لإنسانيتنا التي فقدنا جزءا منها هنا للأسف، انا اتألم عندما اتطرق الى هذا الموضوع، لأني اعلم ان الافريقي عندما يغادر بلده فلأنه لا يجد لقمة عيشه في بلده، اما العراقي فتجدينه اقتصاديا ميسوراً ان لم اقل غنيا، لكنه يفضل الهجرة، لان الحياة الكريمة لا تعني المال بقدر ما تعني قانون يحترم كرامة الانسان.
ايتاج وغيره الكثير ينتظرون من السياسيين ان يحبوا العراق أكثر، لأنه بأرضه وشعبه امانة لن يغفر لهم الله، ولا عباده، ان يضيعوها بخلافاتهم وحروبهم السياسية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة