برلين ـ جاسم محمد
شهدت العاصمة البريطانية، لندن، عملية انتحارية ارهابية مساء يوم 22 مارس 2017، عندما قام انتحاري، بطعن شرطي بسكين، ودهس عدد من المارة على جسر «ويستمنستر» بسيارته ذات الدفع الرباعي، بعدها استدعيت الشرطة البريطانية واتخذت التدابير الامنية منها تطويق مكان الحادث واسعاف الجرحى. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي سي سي» أنه كان هناك إطلاق نار خارج البرلمان البريطاني وإغلاق قصر وستمنستر، حيث كان اجتماعا الى البرلمان البريطاني وبحضور رئيسة الحكومة البريطانية «تيريزا ماي». الشرطة البريطانية صرحت في مؤتمر صحفي بان، شخصاً قام بدهس عدد من الاشخاص على جسر ويستمنسر القريب من مبنى البرلمان، وبعد ان ارتطمت سيارته، رباعية الدفع بحائط البرلمان، ثم ترجل راكضا مسافة قريبة الى بوابة البرلمان ليطعن شرطيا غير مسلح، مما دفع شرطي اخر الى اطلاق النار وطرحه قتيلا.
وكانت نتائج العملية، مقتل شرطي بريطاني ووفاة شخصين وجرح اكثر من عشرة اشخاص. الشرطة البريطانية اتخذت الاجراءات الروتينية، بأغلاق الطرق المؤدية الى مقر البرلمان، وهي قلب لندن حيث يقع بالقرب منها مقر الحكومة البريطانية، والكاثيدرائية ومواقع سياحية عديدة. الشرطة البريطانية من جانبها، تعاملت بمهنية عالية في اتخاذ الاجراءات الاستباقية بتطويق المكان وتقديم المساعدة الطبية الى الجرحى وغلق مقر البرلمان واخلاء المناطق العامة والشوارع القريبة من الحادث.
من هو منفذ العملية الارهابية
يدعى أبو عز الدين، وسبق أن كان مسجوناً على خلفية أنشطة إرهابية كان اسمه عند الولادة “تريفور بروك” قبل أن يتحول للإسلام ويطلق على نفسه اسم عمر. وكان يعلن عن تعليقاته وافكاره المتطرفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب، وكان له سجل اجرامي بالتطرف عند الشرطة البريطانية منذ سنوات.
بريطانيا تواجه أخطر مستوى من التهديدات الإرهابية
قال ماكس هيل، رئيس الإدارة المستقلة الجديدة، لصحيفة صنداي تليغراف البريطانية منتصف شهر مارس 2017، بان بريطانيا تواجه أخطر مستوى من التهديدات الإرهابية منذ هجمات الجيش الجمهوري الأيرلندي في لندن في سبعينيات القرن العشرين وحذر من خطر عودة المقاتلين الاجانب من سوريا والعراق الى بريطانيا. ونشرت صحيفة «صنداي تايمز» خلال شهر مارس 2017 ملخص دراسة هي الأولى من نوعها في أوروبا، صدرت في لندن تناولت «خريطة الإرهاب في بريطانيا» بدراسة العمليات والتهديدات الإرهابية منذ 1998 إلى حد عام 2016. وتجيب الدراسة، الواقعة في ألف صفحة عن أسئلة من قبيل: أين يعيش الإرهابيون؟ ما الذي أثر فيهم؟ وما هي طبيعة الأحياء والمناطق التي نشأوا فيها؟ وذلك عبر دراسة تفاصيل 269 قضية أدين فيها إرهابيون و400 اعتداء اعتبر إرهابيا وكشفت الدراسة بأن الأغلبية من هؤلاء ليسوا «ذئابا منفردة»، بل ارتبطوا بجماعات إرهابية.
وقد وصف مدير وكالة الاستخبارات البريطانية مطلع شهر ديسمبر 2016 حجم التهديدات الإرهابية ضد بريطانيا بأنه غير مسبوق. وقال «أليكس يانغر» إن الاستخبارات البريطانية وأجهزة الأمن أحبطت عدداً من الهجمات المحتملة. وأضاف أن التنظيم لديه هيكل منظم تنظيما جيدا للتخطيط للهجمات الخارجية وقد اضطلع بالتخطيط لهجمات ضد المملكة المتحدة وحلفائها «حتى من دون اضطراره إلى مغادرة سوريا.
وكان جدول لتحديد نوع خطر الإرهاب وضعه مركز تحليل الإرهاب المشترك في جهاز MI5، يتضمن خمس درجات لتوصيف هذا الخطر : ضعيف، معتدل، جوهري، وحاد أو خطير، وحرج. حصلت الاستخبارات البريطانية على وثائق سرية مسربة تحمل ختم «راية الخلافة السوداء» والتي تكشف هويات المقاتلين الأجانب في صفوف داعش، أظهرت الوثائق التي يصل عددها 1736، أن التنظيم نجح في تجنيد مواطنين بريطانين بحسب صحيفة “ميرور” البريطانية في عددها الصادر في شهر مارس 2016.
تهديدات داعش الى بريطانيا
نشر تنظيم داعش خلال عام 2015 وكذلك عام 2016 اشرطة فديو احتوت تهديدا من قبل التنظيم باستهداف بريطانيا، إذ أظهر الفيديو لقطات أرشيفية لشوارع ومعالم العاصمة البريطانية لندن لإظهار أن الدور القادم على لندن. وتشير المعلومات إلى أن مقاتلى داعش البريطانيين قد أوكلت إليهم المهمة من قبل عملاء داعش البارزين للعودة إلى بلادهم وتنفيذ الهجوم ونقلت شبكة «سى إن إن» عن مسئول أوروبى رفيع المستوى فى مجال مكافحة الإرهاب قوله إن المعلومات الاستخباراتية تشير إلى أن تنظيم داعش يرغب فى ضرب بريطانيا.
النتائج ـ مازالت مشاركة بريطانيا داخل التحالف الدولي خجولة ولا تتناسب مع حجمها السياسي والاقتصادي مقابل دول اوروبية اخرى مثل فرتسا. وهناك تراجع في مشاركتها الدولية في مكافحة الارهاب.
ـ توقيت العملية : جائت العملية بالتزامن مع انعقاد اجتماع دولي لدول التحالف الدولي 68 دولة لمحاربة تنظيم داعش في واشنطن، وبالتزامن مع الذكرى السنوية لتفجيرات مطاار بروكسل ـ بلجيكا ومع انعقاد جلسة البرلمان البريطاني، وكذلك مع انعقاد وزراء داخلية شمال وجنوب البحر المتوسط في روما لمحاربة الارهاب.
ـ المكان : اختار منفذ العملية المكان وهو قلب لندن ـ مبنى البرلمان «ويستمنستر» وللمكان اهمية سياسية وثقافية ويحمل الكثير من المعاني، ضرب المكان يعني ضرب لقيم الديمقراطية والغرب.
ـ الهدف : مايريده منفذ العملية الانتحارية، ايصال رسالة، بأن التنظيم موجود، وممكن ان يضرب عواصم غربية، رغم تراجعه في العراق وسوريا ومعاقل اخرى.
ـ ان منفذ العملية لايمكن اعتباره ذئب منفرد، كون بيانات الشرطة حول سيرته الذاتية، تعكس بانه مرتبط بالتنظيم، وهنا يجب التمييز مابين الذئاب المنفردة ومابين الاشخاص الذين ينفذون عمليات منفردة لكنهم مرتبطين بالتنظيم بشكل او باخر وهذا ماكشفه تقرير الاستخبارات البريطانية بعنوان « خارطة الجماعات المتطرفة في بريطانيا»
ـ العملية الانتحارية، هي عملية محدودة، استخدمت مركبة ذات دفع رباعي وسكين وهي وسائل غير محضورة ومتاحة للجميع، هذا النوع من العمليات لا يمكن التكهن بها ولا يمكن منعها ابدا وهي تتكرر في عواصم اوربية عديدة، تهدف الى الاستقطاب الاعلامي، وهذا ماحققته العملية.
ـ الشرطة البريطانية قامت بواجبها واثبتت مهنيتها، لكن هنالك ماخذ على الاستخبارات البريطانية، كون منفذ العملية، مصنف ضمن الجماعات المتطرفة وله سجل ارهابي، كان يفترض بالاستخبارات البريطانية استباق تنفيذ الحادثة بالحصول على معلومات لمنع وقوعها.
*باحث في قضايا الإرهاب والاستخبارات