الربيع .. بوابة أمل متجدد!

مع اقتراب فصل الربيع تفترش الطبيعة بساطا اخضر مزهوا بالورود النضرة ، تبعث البهجة في النفوس ، تبهر الانظار بروعه الالوان ، وتملأ الأجواء بعطرها الفواح عداك عن الموسيقى العذبة التي تطرب الآذان جراء تغريد العصافير مما يزيدها رونقا وسحرا وجمالا يتخلل شهر مارس العديد من المناسبات التي تزيد من رونقه بداية بعيد الام،عيد الفصح،شم النسيم وعيد النوروز،كلها اعياد تزيد من قيمة هذا الفصل وتجعله ينعم باجمل حلة.
باعتقاد الفراعنة ان الربيع هو بداية الخلق «شم النسيم»، أما التسمية تعود الى أصل الكلمة الفرعونيّة (شمو)، وهي مفردة مصريّة قديمة ترمز عند قدماء المصريين إلى يوم «بعث الحياة» واعتدال الاجواء بعد البرد القارس, والشعور بالنسيم العليل الذي ينعش الاجواء ليكون هدية مصر مهد الحضارات ومهبط الاديان الى شتى الشعب القديم.
منذ سنة 2700 قبل الميلاد حتى يومنا الحالي يحتفل المصريون بعيد شم النسيم بموعده , محافظين على تقاليدها وطقوسه ,حيث يتم تحضير الاطعمة المؤلفة من «البيض المنقوش,الفسيخ السمك المملح,الخس والبصل»ويتوجهون نحو البساتين والحدائق يفترشون الارض احتفالا بالعيد. حسب اعتقاد الفراعنة ان البيض يرمز الى خلق الحياة من الجماد ,فاعتمدوه لينقشوا عليه دعواتهم ويضعوه في سلال من «سعف النخيل» على شرفات منازلهم لكي يجلب لهم الحظ .اما الفسيخ عدوه رمزا للخير والرزق . البصل هو ارادة الحياة ,قهر الموت ,والتغلب على المرض. اما الخس عدوه من النباتات المقدسة . وهناك ظهور معجزة الرؤية عندما يشطر ضوء الشمس واجهة الهرم الأكبر الى شطرين ايذانا بموعد عيد الخلق وبداية العام الجديد.
تقول المراجع التاريخية ان بني اسرائيل نقلوا عيد شم النسيم عن الفراعنه عندما خرجوا من مصر ووافق خروجهم ونجاتهم مع موعد احتفال شم النسيم. واطلقوا عليه عيد الفصح نسبة لكلمه عبرية معناها الخروج او العبور. وعدوه «راس السنة العبرية « تيمنا بنجاتهم وكتابة حياة جديدة لهم وعندما دخلت المسيحية مصر جاء عيد القيامة موافقا لاحتفال المصريين بعيدهم ,واستمر الاحتفال بهذا العيد في مصر بعد دخول الاسلام. وبقيت المراسيم والطقوس والحفاظ على العادات والتقاليد دون ان يطرأ عليها اي تغيير.
«عيد النوروز» تحتفل به الشعوب الايرانية والكردية وعدد من الطوائف الاخرى كالاسماعيلية والعلويين والبهائيين في 21 مارس من كل عام. ويذكر بان هذا العيد يرمز في اساسه للصراع بين قوى الظلام والنور ,الفضيلة والرذيلة, اي صراع ما بين الخير والشر , وتنسب بداية فكرة النوروز الى عصور ما قبل الميلاد ,وتعود من اصل كلمة كردية تتكون من» نو» يعني جديد «وروز «وهو يوم، مما يعني يوم جديد ,أما الاساطير تتحدث عن احتفالات عمت البلاد في عهد الملك جمشيد بسبب نشره للسعادة والخير والبركة في هذا التاريخ وبقيت الاحتفالات تتكرر كل سنه حتى ايامنا الحالية.

*كاتبة لبنانية
ايمان عبد الملك

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة