في كتابه «مهزلة العقل البشري» كتب عالم الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي يتعرض الى موضع الايمان بين عهدين، يقول:
«قد يعتقد المسلمون اليوم أنّهم لو كانوا يعيشون في زمان الدعوة لدخلوا فيها حالما يسمعون بها. ولست أرى مغالطة أسخف من هذه المغالطة.
يجب على المسلمين اليوم أن يحمدوا ربهم ألف مرة لأنّه لم يخلقهم في تلك الفترة العصيبة. ولو أنّ الله خلقهم حينذاك لكانوا من طراز أبي جهل أو أبي سفيان أو أبي لهب أو لكانوا من أتباعهم في أقل تقدير، ولرموا صاحب الدعوة بالحجارة وضحكوا عليه واستهزأوا بقرآنه ومعراجه.
/تصور يا سيّدي القارئ نفسك في مكة أبان الدعوة الإسلامية، وأنت ترى رجلاً مستضعفاً يؤذيه الناس بالحجارة ويسخرون منه، ويقولون عنه إنّه مجنون.
وتصور نفسك أيضاً قد نشأت في مكة مؤمناً بما آمن به آباؤك من قدسية الأوثان، تتمسح بها تبركاً وتطلب منها العون والخير. ربّتك أمك الحنونة على هذا وأنت قد اعتدت عليه منذ صغرك، فلا ترى شيئاً غيره. ثم تجد ذلك الرجل المستضعف يأتي فيسب هذه الأوثان التي تتبرك بها فيكرهه أقرباؤك وأصحابك وأهل بلدتك وينسبون إليه كل منقصة ورذيلة. فماذا تفعل؟ أرجو أن تتروى طويلاً قبل أن تجيب عن هذا السؤال.”
وفي موضع آخر من الكتاب يكتب الوردي قائلا:
«يقول الجاحظ إن الله لا يعاقب الكافرين على كفرهم إلا من كان منهم معانداً حقاً وهو الذي يقتنع بصحة الدعوة ولكنه يؤثر الكفر عليها بدافع من مصلحته الشخصية.
ففي رأي الجاحظ : أن آراء الإنسان وعقائده ليست إرادية بل هي مفروضة عليه فرضاَ وأنها نتيجة حتمية لكيفيه تكوين عقله وما يعرض عليه من الآراء فمن عرض عليه دين فلم يستحسنه عقله فهو مضطر إلى عدم الاستحسان وليس في الإمكان أن يستسحن وهو إذن ليس مسؤولا عن اعتقاده إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
فمن أصيب بعمى الألوان فرأى الأحمر أسود فلا لوم عليه في ذلك .إذ ليس في استطاعته إلا أن يفتح عينيه أو يقفلها أما أن يرى هذا اسود أو أحمر فلا دخل له فيه. وكذلك الشأن في المعقولات
*******
اندرو كانجي- رجل صناعة
«الانسان الذي يمكنه إتقان الصبر يمكنه إتقان أي شيء آخر».
عبدالمنعم الأعسم
هكذا تكلم علي الوردي
التعليقات مغلقة