شطحات الدم – 3 –

علي سرمد
اسحبي برفقٍ
هذه السلالم من تحتِ قدميك
واكتبينا على سجادةِ الريح هواءً ميِّتاً
لم يجد ما يتنفَّسه في الطرقات سوى هذا الدم الصاعد/ النازل في مراياك.
سوى دمدمة الهاربين من أهوال جهنّم لفرط ما رأوا
سوى الطمأنينةَ في قلبِ مَن فقدوا أجنحتهم في أوّل الطريق.
قضيتي عمرًا تبحثين عن دمعةٍ سقطت سهواً في أسفلِ نهرٍ راودته الفجيعة منذ بكر الخليقةْ. نهرٌ به امتزج ماؤك الملطخ بجير الكلماتْ. لن تقتفي أثره النجوم. غطَّ في أعماقِ نومٍ موصودٍ بحجرٍ تحت ركبتيك.
تسلقي الفضاء ولْبُسي النهر غيماً يعيد ترتيب الأفق كزهرةٍ ذبُلتْ فوانيسها في أوَّلِ يومٍ رأتْ النورَ ظلالاً يبحث عن مساءٍ هو المساء. الأرضُ فيضانٌ من الوقت
تكتمُ ضحكتها
في قوافلٍ رحلَتْ مع النهرِ ثم عادتْ كعرجونٍ قديم.
فيا أرضُ ابلعي ماءك أو انثريه على معبدٍ سومري. يبارك الإله بنصف شعبٍ يُذبحُ على خُصلةِ شعرٍ نثرتها الرياح شَهوةً على فمِ كاهنٍ تدلّى من ناصية التراب.
هل هذا هو الموتُ؟
أم أنَّ المرايا شمّتْ تماثيل الصباح تتوسدُ بابها علناً لتمجِّدَ بعض ما تناثرَ من دمٍ راودته التماسيح بحثاً عن الزمن المطلق. كل يومٍ نبحث عن يومٍ هو الآخر لن يموت.
هل نحنُ استعارةَ الزمن؟
أم أنَّ الموتَ أطبق كفَّيه على راحتينا لينْقُذنا من جحيمٍ مختبئٍ خلف كلماتٍ مركونةٍ تحت كهوف القواميس.
حسناً أروني جحيمَ موتاكم إنْ كنتم للرؤيا تعبرون.
لا جحيمَ سوى جحيم اللغة،
وهي تشوي الميتافيزيقيا طعاماً في سبيل مَنِ اجتاحوا الاختبار في أوّلِ يومٍ مدَّتْ جسرها لغواية العابرين من تحت الماء بلا مظلةٍ تفْقهُ ما تناثر من الدم في أُرجوان الطبيعةِ.
مع الدمِ
كلُّ شيءٍ
يسيرُ
في هدوءٍ
إلّا مَن استنفر على ليل الطرقات
باحثاً عن ذاته في شقِّ إبرةٍ
ثقبتها المياه.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة