بعد تصعيد مطالب واشنطن من مؤسسات ومصانع أوروبية
ترجمة: سناء علي
في تقرير نشرته الصحفية « كاثي بولو « نشر على الموقع اشارت فيه الى ان « خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وفوز دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة لم تكن احداثاً بسيطة ستمر مر الكرام على دول الاتحاد الاوروبي برمتها، فالحرب المقبلة بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي حرب اقتصادية دلائلها السرية والعلنية الازمات المالية التي تمر بها جميع بلدان العالم نتيجة الهبوط الكبير في اسعار النفط وحرب البنوك والعملات.»
حيث اشارت الى ان « هذه الحرب بدأت بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن طريق دفع غرامات وضرائب من قبل اكبر المصانع والمؤسسات (ابل في ايرلندا، فولكسفاجن في اميركا، دُيون دويتشه بنك «أكبر مصرف ألماني» )، اضافة الى إن ساسة ألمان وصفوا مطالب واشنطن من مصرف «دويتشه بنك» وشركة صناعة السيارات «فولكس فاغن» بأنها حرب اقتصادية، فيما قال بيتر رامسور رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان الألماني إن الخطوة التي اتخذتها وزارة العدل الاميركية ضد «دويتشه بنك» في مطالبته بضرورة تسديده غرامة مالية تصل إلى 14 مليار دولار، لتسوية دعاوى تتهمه ببيع أوراق مالية مدعومة بالرهن العقاري عن طريق التضليل لها خصائص الحرب الاقتصادية، مؤكداً أن واشنطن لديها «تقليد طويل» للاستفادة من كل فرصة متاحة لخوض حرب تجارية، وخاصة إذا كانت تصب في صالحها، وأن المزاعم ضد «دويتشه بنك» دليل على ذلك.»
كما بينت ان « ما يجعل الامور تسير بتوتر بين الاتحاد الاوروبي لاسيما المانيا والولايات المتحدة هو ما شهدته الاسواق في نهاية 2016 من تحركات حيث ان قوة الدولار استمرت بالارتفاع ما ادى الى تراجع العملات الرئيسة في الاسواق، وخروج بريطانيا ادى الى تراجع قوة الجنيه الاسترليني وبالتالي إنخفاض قوة العملة الموحدة اليورو الالماني امام الدولار الاميركي السببان الرئيسان في اغلب الحروب الاقتصادية.»
اما المعطيات الدولية فقد اشارت بولو الى انها « تغيرت بنحو كبير ولم يعد الصراع عسكرياً بقدر ما هو اقتصاديا، فالصراع اصبح مفتوحاً بين الشركات وبين اليورو والدولار وبين شركات بيع الأسلحة، وقد يصل هذا الصراع الى حد الحرب الخفية التي تستعمل فيها جميع الوسائل، فالسياسات الحمائية التي بدأ يتخذها الاتحاد الاوروبي وتصريحات ترامب الرنانة بعدم صرف اموال الولايات المتحدة لتوفير حماية للبلدان، والاهتمام باقتصاد اميركا وسعيه الى ارجاعها دولة اقتصادية لا تضاهيها أي دولة، امر لابد له من خلق صراعات وتناقضات بين المانيا التي تحاول جعل اليورو العملة الاقوى وبين ترامب الرجل الاقتصادي الذي اقسم ان يجعل اقتصاد اميركا بافضل حالاته.»
واكدت بولو الى ان « المانيا التي حاولت خلق علاقات تجارية جيدة مع الولايات المتحدة في عهد الادارة القديمة كيف ستتعامل مع الرئيس ترامب الذي يقول «لنجعل اميركا قوية من جديد» في وقت كانت السياسة الاميركية تقوم دائماً على النظر باتجاه أوروبا؟.»
وحول هذه التساؤلات تتلخص الاجابة وفقاً للكاتبة بولو « بأن هذه الدول وفي ظل تصاعد وتيرة الصراع بشتى اشكاله ستسعى الى اكتساب المزيد من مناطق النفوذ السياسي وغزو الأسواق وتأمين التجارة، فبريطانيا لديها الخطط العديدة والاستراتيجية التي تؤمن مصالحها الداخلية والخارجية، وربما ادارتها فكرت ملياً قبل الخروج من الاتحاد الاوروبي في رسم سياستها سواء بالتحالفات الجديدة، وليس بالبعيد ان يكون للولايات المتحدة دور في خروج بريطانيا بغية اعلان الحرب الاقتصادية ضد الاتحاد الاوروبي ولن تصيب بريطانيا حليفتها الكبيرة بشئ من اذى حربها.»
اما عن السياسة الغامضة لترامب فقد اشارت بولو « على الاتحاد الاوروبي او بالأحرى على المانيا فهم ما يريد كونه الرجل الاكثر معرفة من الالمان بالاقتصاد والعملات والضرائب والشركات والاتفاقات التجارية، لاسيما وان سوق الدولار ما زال يأخذ بالارتفاع، والدول المصدرة للنفط أوبك اعلنت في نهاية 2016 عن خفض الانتاج لأول مرة منذ 8 أعوام، ودفعت بالأسعار إلى الارتفاع في الأسواق الدولية بنسبة 8 في المئة.»
كما بينت انه « يجب على المانيا ان تمد جسور التواصل وتنتهج سياسة تحاكي ما يبغيه الرئيس ترامب فهو رجل الصفقات، اذ ان السياسة الاقتصادية للرئيس الاميركي المنتخب التي أطلقها في أثناء حملته الانتخابية، قد تشكل تهديداً على التجارة الخارجية الألمانية بحسب خبراء في الاقتصاد والتجارة الخارجية، وان تصريحات ترامب المتعلقة بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة عبر المحيط الهادئ تعني فقدان الألمان نحو مليون فرصة عمل، اضافة الى ان كارستين بريزينسكي، الخبير الاقتصادي الألماني في مجموعة «إي إن جي» المالية الهولندية لم يستبعد تلقي الاقتصاد الألماني ضربة بسبب سياسات ترامب.»
في النهاية اوضحت ان « ترامب ما زال في طور التصريحات والاتحاد الاوروبي لاسيما المانيا في طور التوجس، وفي حال طبقت التصريحات «الترامبية» واصبحت قرارات اميركية فان ذلك سيخلق مشكلات مالية للمصدرين الألمان، وهذا ما اكده البروفسور الاقتصادي في مدرسة فرانكفورت للإدارة والتمويل غريغوري فيلكوف الذي بين أن أساس العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وبرلين قائمة على التبادل التجاري والاستثمار، والضرر في حال حدوثه سيلحق بالطرفين، ومن هنا ستبدأ حرب الاقتصاد المفتوحة، ومن يمتلك الاكثر من الاموال والشركات وغيرها سيكون الاعظم من بين تلك الدول، اما الركون الى اتباع اساليب السياسة الحمائية فتعني الانعزال وترك العولمة، الساحة مفتوحة والحرب سجال ومن سجالاتها ان اميركا ستتبع السياسة الحمائية مع الاتحاد الاوروبي، وعلى المانيا اتخاذ التدابير قبل فوات الاوان.»
* عن موقع الفورين بوليسي