صادق باخان
ليس معقولاً ان يكتسب الخطاب السياسي كل هذه الفوضى والضجيج اللغوي، فيخرج هذا السياسي او ذاك من هذا الحزب او ذاك او من هذه الكتلة او تلك ليقول ما شاء له القول من على شاشات الفضائيات المحلية او العربية في وقت يمر العراق في محنة تتطلب رص الصفوف وتوحيد الكلمة بغية توحيد الخطاب السياسي ومنح الخصومات السياسية اجازة استراحة المحارب .
المشهد السياسي العراقي عجيب غريب لا تجد مثيلاً له حتى في دول القرن الافريقي ، صراعات ، مجادلات بيزنطية لا نفع فيها ويكاد جلها يدور حول حلقة مفرغة في حين ان المعروف في عالم السياسة ان الخطاب السياسي في البلدان الديمقراطية يصبح موحداً فما يقوله رئيس الدولة يعيده وزير الخارجية او وزير الدفاع او الناطق باسم الحكومة فلا توجد فوضى ويحاسب كل من يخرج على هذا المعيار الاخلاقي المتصل بالامن الوطني .
بالتأكيد ان العراق في امتحان صعب وهو محاط بشتى الوان المؤامرات ولسنا هنا في معرض فرض الوصايا على احد ولكن للضرورة احكام والوطن في محنة وهو المحك لقياس مدى صدق المواقف والمشاعر والنوايا ولنا في ذلك مثال هو الشعب الفيتنامي اذ حين فرضت عليه الحرب في اثناء الحرب الباردة التي كانت قائمة بين المعسكرين الرأسمالي والشيوعي فان كلاً من الشيوعي والبوذي والمسيحي والوثني توحدوا في وحدة فيتنامية واحدة لمقاومة القوات الاميركية وحولوا الادغال الى جهنم تحت اقدام الغزاة وحقق الشعب الفيتنامي انتصاراً ساحقا على القوات الاميركية .
فما بال السياسيين العراقيين لا يجتمعون على كلمة ويضعون العراق على رأس قائمة اولوياتهم فهذا هو الوقت الملائم لاختبار الحس الوطني وهذا هو الوقت لتوحيد الخطاب السياسي ولكل زمن رجاله ولكل مرحلة متطلباتها واذكركم بالتأريخ .
خرج السياسي البريطاني ونستون تشرشل من الحرب العالمية الثانية بوصفه بطلاً قومياً ولكن حين اجريت الانتخابات فاز في الانتخابات زعيم حزب العمال كليمنت اتلي وحين سألوا تشرشل: كيف يحصل هذا ؟ اجابهم والسيجار بين يديه – هذه هي الديمقراطية .
فمتى يصير سياسيونا ديمقراطيين ليوحدوا الخطاب السياسي ؟