تبديد القوة!

التاريخ البشري حافل بالشواهد والمواعظ والعبر وقد اثبتت التجارب الحية في الامم والشعوب ان امتلاك القوة ليس مقصوراً على الموارد البشرية ولا على الثروات ولا بامتلاك السلاح ولا بعدد الجيوش وانما باستثمار هذه الموارد وتنظيمها واستثمارها على الوجه الصحيح فكم من امم صغيرة بزت امة كبيرة وتفوقت عليها وفي كل دولة عناصر للقوة لربما يجهل قادتها التحكم بهذه العناصر ولربما تغيب عندهم الحكمة في توظيف هذه العناصر ويمتد الحديث عن القوة ليشمل مظاهر اخرى تحتاج فيه الشعوب دائماً لقادة يمتلكون الارادة ويتمتعون بالعقل من اجل ادارة البلدان والوصول بها الى مرافئ الامان فثمة مراحل تحتاج فيها الشعوب لحنكة ومهارة قائد عسكري وثمة مراحل تحتاج فيه الشعوب لعقل اقتصادي مدبر ومخطط وثمة مراحل تدلهم فيها الخطوب وتتعاظم الاحداث وينتظر الجميع المنقذ والمخلص ويحفل التاريخ كثيراً بمثل هؤلاء القادة الذين انجبتهم الاوطان وماتزال اسماؤهم محفورة في الاذهان وشاخصة امام الاجيال الجديدة وفي المقابل ثمة من فرطوا بالثروات وفتتوا التلاحم وبددوا القوة بجهالة ورعونة وحماقة لانهم لم يدركوا مكامن القوة او فشلوا في تقدير المواقف او استهانوا واستخفوا بما وقع تحت ايديهم من الخير العميم والثروات الطائلة فتسربت من بين ايديهم القوة وحل محلها الوهن والضعف وفي كل الاحوال لابد ان يكون العقل حاضراً في كل هذه الفصول وفي كل هذه المراحل وفي بلد وامة مثل العراق تترى الشواهد الحية لكل من امتلك زمام الامور ولكل عنوان يتصدر المشهد ويقود ويدير ومن لم يتعظ ويتدبر من تلك المشاهد سيبقى اسيرًا للفشل وغارقاً في مستنقع الهزيمة فالاحداث في العراق تعلم وتثقف وتكرس للكثيرين كيف يمكنهم امتلاك القوة وكيف يمكن ان ينالهم الخسران والهزيمة وحين تكون الطاقات والجهود موجهة نحو عدو واحد وشاخص ومعروف سيكون من الحماقة والسخف ان ينبري آخر لفتح جبهة أخرى يريد فيها من الجميع الجري وراءه وحين يجتمع حال شعب وامة على قرار واستحقاق يكون من الجهل مخالفة هذا الجمع والاصرار على عدم تنفيذ هذا القرار وحين يسقط الضحايا وتسيل الدماء سيكون من العار استرخاص هذه الدماء الزكية والاستهانة بهذه الصرخات وقمع ملايين الاصوات من دون سماعها والاستجابة لمطالبها ..لاتبددوا قوانا وتشمتوا الاعداء فينا فحرائق العراق تفطر قلوب المحبين وتسر اعداء الحاقدين.
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة