من يقف بوجه الشائعات؟

سلام مكي
كاتب عراقي
مع سطوة العالم الافتراضي وهيمنته على الرأي العام، استطاعت الشائعة ان تجد مجالا واسعاً لها في توجيه ذلك الرأي والتشويش على الحقيقة عبر بث أخبار كاذبة او مفبركة لتحقيق اهداف وغايات مختلفة.
مواقع التواصل الاجتماعي تضج بالصفحات الوهمية التي تطلق الشائعات، وتروج لأخبار لا وجود لها الا في مخيلة القائمين على تلك الصفحات، وللأسف ثمة من يصدق تلك الشائعات ويروج لها، خصوصاً عندما تكون قريبة من افكاره، او يتمنى حدوثها، بعضهم مثقفون، لديهم الكثير من المؤلفات، ويتبعهم جمهور واسع. حتى ان المواطن البسيط، يجد صعوبات بالغة في تصديق الأخبار، حتى ان رئيس الوزراء، نبّه في المؤتمر الأسبوعي ان الشائعة مشكلة عالمية، ولا تختص بالعراق وحده.
وللأسف، لا وجود لجهد حكومي، لمعالجة هذه المشكلة، خصوصاً وان اغلب الشائعات تستهدف امن البلد ووحدته.
وسط ضجيج الشائعات في مواقع التواصل الاجتماعي، ثمة صفحة اسمها: التقنية من اجل السلام. تتولى الكشف عن أي صورة مفبركة او مقطع فيديو مقتطع، لتطلع الجمهور على حقيقته. التقنية من اجل السلام.
هذه الصفحة ترى ان الشائعة تعني الحرب، الدمار، تعني الفوضى. لذلك تستعمل التقنية من اجل السلام، بمعنى ان الكشف عن الكذب والتضليل، ومحاربة الشائعة هو ترويج للسلام.
يوم امس مثلا، بثت مواقع الكترونية وفضائيات عربية، مقطع فيديو لعسكري عراقي، على انه يقوم بتهديد الأهالي في احد المناطق ليتركوا منازلهم خلال ثلاثة ايام. هذا المقطع تم اعادة مونتاجه ليقتطع منه ما لا يلبي رغبة القائمين على تلك المواقع، وليكون مادة مناسبة لبث الفتنة بين المواطنين في تلك المنطقة.
صفحة التقنية من اجل السلام، قامت ببث المقطع كاملا، لتبين الحقيقة التي اخفتها الفضائيات والمواقع الاخبارية. الشائعة حرب، موجهة ضد العراق والعراقيين، ولابد من وجود من يواجهها، لابد للحكومة ان تقوم بجهود لمواجهة الشائعة، عبر استعمالها للتقنيات المطلوبة لكشف زيف الشائعات او حتى ملاحقة المواقع التي تبثها.
من غير المعقول ان تطلق يد الشائعات، بحجة انها مشكلة عالمية واغلب الدول تعاني من الشائعة. هذا الاسبوع، اعلنت مواقع وصفحات ان الحكومة عاجزة عن توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين والاعانات الاجتماعية هذا العام.
ولحين نفي الحكومة لهذا الخبر، لا احد يعلم الآثار التي خلفها بين المواطنين. ينبغي وضع حلول آنية، عاجلة لمواجهة مثل هذه الشائعات، بالأساليب نفسها والطرائق التي تنتهجها تلك الصفحات، وعدم الانتظار لحين النفي بصورة رسمية وعبر لسان رئيس الوزراء نفسه. وان المواطنين يتحملون ايضا، جزءا من المسؤولية، فيفترض ان يكون هناك وعي ودراية بالصفحات التي تبث الاخبار الكاذبة او الشائعات، وعلى بعض المثقفين الذين يتبنون تلك الاخبار ان يعو انهم يدعمون الشائعة ويسهمون بخلق رأي عام قلق، غير قادر على التشكل على وفق اسس صحيحة.
الحكومة تركت المواطن تحت رحمة الشائعات، عبر عدم تقديم معالجات آنية وسريعة للأخبار الكاذبة وترك المواطن فريسة لها لحين خروج رئيس الوزراء بنفسه لينفيها، في حين يفترض ان تحارب الشائعة بالسلاح نفسه الذي تحارب به.
والشائعة لا يقتصر وجودها في مواقع التواصل الاجتماعي، ولا هي نتاج شخصيات محددة، وانما ثمة جهات ودول خلفها، العربية والجزيرة، وغيرها، تحاول جاهدة ايجاد مقطع صوتي، او فيديو، يوافق توجهاتها، لتعلنه للرأي العام، فتقول: ان من يحارب داعش لا يختلف عنه! تحاول ان تفبرك اخباراً مزيفة، سعياً منها لدعم داعش اعلاميًا، وتشويه صورة الحشد الشعبي والجيش العراقي امام الرأي العام العالمي، وهذا بحد ذاته يستدعي من الحكومة موقفاً مسؤولا، تجاه تلك الفضائيات او في الاقل صناعة اعلام يوازي قوة تلك المؤسسات.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة