تعتبر بطولة كأس العالم فرصة لكل لاعب للتألق والبزوغ، خصوصاً المهاجمين، حيث يعول الجميع عليهم لتسجيل أهداف لمنتخباتهم تقودها لمنصات التتويج.
لكن هناك قلائل من المهاجمين من حظوا بشرف أكبر من مجرد تسجيل أهداف في البطولة العالمية، بحصدهم لقب هداف البطولة وحفروا أسماءهم في قائمة هدافي كأس العالم ويظل العالم يتذكرهم حتى بعدما يعتزلوا أو حتى يفارقوا الحياة.
خلال 19 بطولة لم يستطع أي مهاجم أن يكرر إنجازه بالفوز مرتين بهذا اللقب وكأنه محتم أن يمنح مرة واحدة في العمر، ولكن في بطولة البرازيل هناك لاعبين لديهما الفرصة لتكرار إنجاز الفوز بلقب الهداف، والغريب أن اللاعبين الاثنين من منتخب واحد وهو ألمانيا، والحديث هنا عن كلوزة ومولر.
لكن من هم أعضاء قائمة الشرف في المونديال الحائزين على لقب هداف كأس العالم؟
غوييرمو ستابيلي 1930: كان المهاجم الأرجنتيني الراحل أول لاعب يحرز لقب هداف البطولة بعد أن سجل 8 أهداف وشارك بعمر 25 عاماً. والغريب أن ستابيلي لاعب فريق هوراكان الأرجنتيني في ذلك الحين لم يكن المهاجم الأساسي للفريق ولم يشارك في أول مباراة مع الأرجنتين ضد فرنسا، لكنه شارك من المباراة الثانية أمام المكسيك والتي سجل فيها هاتريك، ثم توالت أهدافه ليسجل 8 أهداف خلال 4 مباريات ويحقق متوسط تهديفي قدره هدفين لكل مباراة.
أولدريتش نيجيدلي 1934: استطاع لاعب الوسط المهاجم لمنتخب تشيكسلوفاكيا ولاعب فريق سبارتا براغ أن يتوج بلقب هداف البطولة بعد أن سجل 5 أهداف خلال مشاركته في 4 مباريات.
لوينيداس دا سيلفا 1938: يعد ليونيداس واحداً من أساطير السليساو وتنقل بين كبار أندية البرازيل لكنه كان أثناء البطولة مع نادي فاسكوديجاما. سجل 7 أهداف في 4 مباريات، والطريف في أمره أن مدربه تعمد عدم إشراكه في نصف النهائي أمام إيطاليا لإراحته لمباراة النهائي، لكن إيطاليا هي من ذهبت إلى النهائي، واكتفى لوينيداس باللعب مع فريقه على المركز الثالث والرابع بدلاً من النهائي.
أدمير ماركويز 1950: لم يفلح البرازيلي هداف البطولة ولاعب فاسكو دي جاما بأهدافه الثمانية بإهداء البطولة لمنتخب بلاده والمقامة على أرضه، ولكنه حقق رقماً شخصياً بكونه أول لاعب يحرز سوبر هاتريك في المونديال.
ماريو كوشيتش 1954: سجل المجري صاحب لقب الرأس الذهبية ولاعب فريق هونفيد وقت البطولة وبرشلونة لاحقاً، مع فريق بلاده الذهبي 11 هدفاً منها 7 أهداف بالرأس، كما أصبح أول لاعب في المونديال يسجل هاتريك مرتيـن، وحقـق رقمـاً لـم يستطع أي هداف الوصول إليه بمعدل تهديفي للمباراة الواحدة بلغ 2.2 هدف.
جاست فونتين 1958: استطاع المهاجم الفرنسي الأسطوري لاعب فريق ريمس الفرنسي تحقيق الرقم الذي ظل صامداً منذ تلك البطولة بتسجيله 13 هدفاً، وهو رصيد لم يستطع أي هداف الوصول إليه. المثير أن فونتين لم يكن مقدراً له المشاركة في البطولة لولا إصابة المهاجم الأساسي لفرنسا واستدعائه محله.
6 هدافين في 1962: جارينشيا وفافا (البرازيل)، ليونيل سانشيز (تشيلي)، درازين يركوفيتش (يوغسلافيا)، فالنتين ايفانوف (الاتحاد السوفييتي)، فلوريان ألبرت (المجر) حيـث سجـل كـل لاعـبٍ منهم 4 أهداف وتقاسموا اللقب فيما بينهم.
أوزيبيو 1966: سحب الفهد الأسمر البرتغالي لاعب فريق بنفيكا النجومية من الملك بيليه في البطولة وكان أحد نجومها وسجل 9 أهداف.
جيرد مولر 1970: أسطورة الهجوم الألمانية ولاعب بايرن ميونيخ، برغم الهجوم البرازيلي الكاسح بقيادة بيليه وجيرزينيو وريفيلينو، إلا أنه استطاع خطف اللقب منهم بتسجيله 10 أهداف.
جيرزغورز لاتو 1974: مهاجم من طراز فريد وفخر الكرة البولندية ولاعب فريق ستال ميليتس، برغم تواجد مولر الهداف السابق للبطولة ولعبه على أرضه ووسط جمهوره، إلا أن هذا لم يزحزح لاتو من التربع على قمة هدافي البطولة برصيد 7 أهداف وقاد بلاده إلى المركز الثالث لأول مرة في تاريخها.
ماريو كيمبس 1978: كان المهاجم الأرجنتيني الفذ أول لاعب يحصل على لقب هداف المونديال والليغا -مع فالنسيا – في موسم واحد. سجل 6 أهداف في البطولة، والمثير أنه لم يسجل في أول ثلاث مباريات من دور المجموعات ولم يبدأ في التسجيل إلا عندما انتقل للعب في مسقط رأسه روزاريو.
باولو روسي 1982: أول لاعب إيطالي يتـوج بالجائـزة بتسجيلــه 6 أهـداف بالرغم من صيامه مع الآتـزوري فـي 3 مباريات متتالية في دور المجموعات، والمثير أنه عند اختياره هاجمت الصحافة الإيطالية مدرب منتخبها بسبب ضمه باولو روسي.
جاري لينيكر 1986: استطاع لينيكر لاعب إيفرتون أن يكون أول هداف إنجليزي للبطولة عبر تاريخها بعد تسجيله6 أهداف.
سلفاتوري سكيلاتشي 1990: استطاع لاعب يوفنتوس على أرضه اقتناص لقب الهداف بتسجيله 6 أهداف.
ستويشكوف وسالينكو 1994:
تقاســم البلغــاري خريستــــو ستويشكوف لاعب فريق برشلونة لقب هداف البطولة مع الروسي أوليج سالينكو برصيد 6 أهداف، والمثير في أمر سالينكو أنه حقق رقماً إعجازياً بتسجيله 5 أهداف في مباراة واحدة.
دافور سوكر 1998: حقق النجم الكرواتي الهداف ولاعب ريال مدريد لقب الهداف بعد تسجيله 6 أهداف.
رونالدو 2002: استطاع الظاهرة البرازيلية لاعب إنتر ميلان وقتها تعويض إخفاق البطولة السابقة وقاد فريقه للتتويج، كما حصد لقب الهداف، واستطاع كسر حاجز الستة أهداف المستمر منذ بطولة 1978 بعد أن سجل 8 أهداف.
ميروسلاف كلوزه 2006: كان حصول المهاجم الألماني المخضرم لاعب فريق فيردر بريمن وقتها، على لقب هداف البطولة برصيد 5 أهداف هو البسمة الوحيدة للجمهور الألماني الذي خسر البطولة المقامة على أرضه.
توماس مولر 2010 : لاعب وسط بايرن ميونيخ أحد لاعبي الوسط القلائل الذين اقتنصوا لقب الهداف من المهاجمين بعد تسجيله 5 أهداف، وكان متساوي مع 3 لاعبين آخرين لكن موللر تمكن من صنع 3 أهداف لزملائه في البطولة وهو ما رجح كفته لحصد اللقب.
ستابيلي.. قصة أول هداف في تاريخ كأس العالم
كان يحلم بدخول تاريخ كرة القدم من بابه الواسع بالتتويج باول كأس نظمت في الاوروغواي عام 1930، الا ان الرياح جرت بما لا تشتهي سفينة الهداف الارجنتيني غييرمو ستابيلي وسقط منتخبه في المباراة النهائية امام منتخب البلد المنظم لكن ذلك لم يمنع نجم الارجنتيني انذاك من تسجيل اسمه بارزا ضمن الاسماء الكبيرة في تاريخ اللعبة الاكثر شعبية في العالم بتتويجه هدافا لأول مونديال برصيد 8 اهداف.
وكان ستابيلي عازما على تسجيل اسمه واسم بلده في رأس سجل الفائزين بكأس العالم وبذل مجهودا خارقا من أجل ذلك وتمكن من تسجيل هدف التقدم لمنتخب بلاده (2-1) الا ان ذلك لم يكن كافيا امام اصرار زملاء ناسازي في اهداء أول لقب عالمي لبلادهم التي نالت شرف تنظيم أول نسخة من المونديال وكان لهم ما أرادوا وفازوا (4-2).
ولم يكن ستابيلي أساسيا في تشكيلة منتخب بلاده ولولا عصبية مواطنه روبرتو تشيرو التي دفعت بالمدرب الى استبداله لما كان لنجم الارجنتين ان يبرز.
وفي أول مشاركة له في هذا المونديال أمام المكسيك أثبت ستابيلي قدرات عالية في التخلص من المدافعين والافلات من الرقابة وتمكن من تسجيل ثلاثة اهداف ساهمت في فوز الارجنتين (6-3)، وصار أول لاعب يسجل ثلاثية في مباراة واحدة.
ولد ستابيلي في 17 يناير 1906 في بوينس أيرس وعشق كرة القدم منذ صغره، وكباقي الارجنتينيين مارسها أولا في شوارع العاصمة ثم انضم الى نادي سبورتيفو ميتان وهو ابن التاسعة ولعب خمسة مواسم متتالية حيث أخذ اسرار اللعبة وصار اكثر نضجا تكتيكيا وفنيا ثم انتقل بعدها الى نادي هيوراكان وهناك كانت بداية مشواره الحقيقة، حيث لعب حتى العام 1930.
وبعد تألقه في نهائيات كأس العالم 1930 جذب الانظار وباتت الاندية الاوروبية تسارع الى كسب وده، وكان أن اختار نادي جنوى الايطالي الذي انتقل اليه في بداية الموسم 1930-1931، وفي أول ظهور له في الدوري لم يخيب ستابيلي امال مسؤولي النادي الذين تعاقدوا معه وهز شباك بولونيا المتصدر ثلاث مرات جعلت بدايته نارية في البطولة الايطالية.
وبقي النجم الارجنتيني مع جنوى أربعة مواسم قبل أن يختار تغيير النادي فذهب الى نابولي عام 1935 فلم يطب له المقام وعاد أدراجه مرة ثانية الى جنوى في العام التالي، واكتفى فيه بموسم أخر ليستقر اختياره في الاخير على فرنسا وانضم الى ريد ستار (النجم الاحمر) في ضواحي العاصمة باريس الذي كان يرأسه انذاك جول ريميه باعث كأس العالم وصاحب فكرة تنظيمها.
ولعب ستابيلي في النادي الفرنسي ثلاثة مواسم ثم قرر الاعتزال ليتفرغ فيما بعد الى مهمة أخرى في عالم كرة القدم وهي مهمة التدريب التي نجح فيها الى ابعد الحدود.
وكانت بدايته في عالم التدريب مع هيوراكان ثم سان لورنزو واستوديانتيس وفيروكاريل واخيرا راسينج بوينس ايرس حيث حقق مع الاخير ثلاث مرات متتالية بطولة الدوري (1949 و1950 و1951).
كما اشرف ستابيلي على المنتخب الارجنتيني من 1939 الى 1960 وقاده في 127 مباراة فاز خلالها بكاس امم اميركا الجنوبية (كوبا اميركا) ست مرات (1941 و1945 و1946 و1946 و1955 1957) وكانت تلك الفترة من احلى فترات الكرة الارجنتينية.
وتسلم ستابيلي بعد ذلك مسؤولية ادارة مدرسة المدربين الارجنتينية، لكن الشمعة التي اضاءت تاريخ الكرة الارجنتينية انطفأت في نهاية ديسمبر 1966 عن عمر ناهز الستين عاما.