خدعة قديمة.. بيد أنها مازالت تُستثمر وتُعتمد في بعض الحالات الخاصة من الحروب ذات الطبع الأهلي الداخلي على وجه الخصوص، ولا ينفي ذلك من إستخدامها الفعّال في الحروب ذات الأبعاد الخارجية. الخدعة بسيطة جدا لكنها تنطلي بسرعة النار بالهشيم عند إتقان برمجتها والحساب الدقيق لتوقيت إستخدامها. تتلخص تلك الخدعة بإيهام الجماهير من قبل ثلة المتآمرين أنهم من بين صفوفهم، فيحملون الرايات والأعلام والأزياء والشعارات التي يحملها الجمهور الغفير فيصبحون جزءً من هذا الجمهور ليعبثوا تخريبا بين صفوف المتجمهرين المطالبين بحقوقهم الشرعية. وتحدث تصفيات لقياديين شعبيين مجهولة المصدر وتخريب متعمد للمتلكات العامة والخاصة ومن ثم يتحول مسار تلك الإحتجاجات المشروعة إلى أعمال تُصنف كأعمال شغب من قبل الرأي العام الداخلي والخارجي. أما على صعيد الحروب الداخلية ذات الطابع الأهلي بين أحزاب الوطن الواحد فقد أُستخدمتْ تلك الخدعة كثيرا من قبل المتمردين غير الشرعيين كما حدث بالعراق إبان إنقلاب 8 شباط الأسود عام 1963 ضد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم عندما أجتازت دبابات تحمل صور الزعيم مقر وزارة الدفاع وسط تهليل الجماهير الغفيرة المؤيدة له، وما هي في الواقع سوى خدعة أعتمدها الإنقلابيون الفاشست ضد الزعيم الوطني أدت إلى قلب الموازين العسكرية لصالح المجرمين. وهذه الخدعة إنكليزية المصدر بالأساس. وحدث ذات الأمر في اليمن الجنوبي عندما أقتحمت دبابات تحمل صور الزعيم اليمني الوطني عبد الفتاح إسماعيل مقر الرئاسة وسط مباركة المؤيدين من إنصاره لتقضي عليه بدل إنقاذه. وهناك الكثير من الشواهد التاريخية لا يتوفر المجال لذكرها هنا.
اليوم وفي العراق الديموقراطي الحديث تأخذ هذه الخدعة تطبيقها الجديد ليس عن طريق الدبابات وإنما عن طريق الحرب الإعلامية عبر القنوات الفضائية ورفع الرايات والشعارات زورا وبهاتنا لخداع الجماهير الغفيرة. نتذكر جيدا موقف المرجعية الدينية العليا بالنجف الأشرف في الإنتخابات السابقة والأسبق من عدم جواز إستخدام المرجعية من قبل الأحزاب الدينية الشيعية على وجه الخصوص لصور آية الله السيد علي السيستاني إلى ما يشبه التحريم. نجد اليوم مقدار الإستخفاف من قبل قناة فضائية عراقية تدعي الحياد وهي تقدم على إستخدام المرجعية، خصوصا السيد السيستاني بالصورة وتأليف الأغاني على الطريقة البشعة التي كانت سائدة أيام الدكتاتور السابق وجوقة من الأصوات النشاز تصرخ “سيد علي.. سيد علي.. سيد علي السيستاني..” تتخللها كلمات متزلفة غاية بالإبتذال تمتدح السيد الجليل وهو أعلى من هذا المديح الدّجال والمزّيف.
هذا الرياء الواضح والصريح لا ينطلي بسهولة على الشعب العراقي اليوم، إنما ينطلي على أذهان المصممين له من قارعي الطبول الفارغة فقط ..ربما..