أكرم العبيدي*
نحن اليوم نقف إمام مفترق طرق بين صراع سلطة وبين مصلحة امة . هل اخطأ الشعب حين خرج للتصويت يوم الانتخابات لاختيار من يمثله في مجلس النواب المقبل واذا كنا منذ لحظة انتهاء الانتخابات وتمكن الأحزاب المتنافسة من معرفة حجم تمثيلها بدأت المزايدات والمهاترات والتصريحات التي تقلق حتى أصبح المواطن يقول هل أخطأنا حين منحناكم أصواتنا .. يبدو ان فكرة الوطن غائبة عن أذهان هذه الكتل التي تمثل الخارطة السياسية العراقية لأنها استدرجت المواطن لفخاخها ومن ثم تركت المواطن وانشغلت بمصالحها وخطوطها الحمر.
ما من شعب تحمل ما تحمله الشعب العراقي من الم المفخخات والإرهاب الأسود والطائفية التي بدأت تصل للجذر وما من شعب استوعب كل هذا الألم وخرج للانتخابات معتقداً ان تغيراً ما سيحصل ا وان ما يحدث له الآن سيتحول الى مجرد ايام مرت وذكريات بعيدة .. صدمتنا نحن كشعب بدأت اليوم بكتل سياسية لا تحترم أرادت الناخب ولا صوته وما إرادته وصوته مجرد وسيلة لايصالها الى السلطة تلك السلطة التي تحولت بعد الانتخابات مباشرة الى خارطة جديدة للألم والقلق بالنسبة للمواطن العراقي.
قد يقول قائل انك تستبق الأحداث ومتشائم وان الشعب على ثقة بمن انتخبهم بأنهم سيغيرون حياته نحو الأفضل .. اقول ما ذهبت أليه ليس تشاؤم بل هو واقع ملموس بالأمس خرج احد نواب القوائم الفائزة وهو يصرح بأن تشكيل الحكومة المقبلة قد يطول سنة كاملة .. لأننا نضع خطوطا حمراً على المرشح الفلاني اذا كنا نبدأ هكذا ومازال العد والفرز قائماً والنتائج النهائية لم تعلنها مفوضية الانتخابات كيف لا يتحدث المواطن بما أتحدث عنه.
البعض يريد حكومة أغلبية وباعتقادنا هي الحل وسط الخراب الذي نحن فيه . لكن من سيشكل تلك الحكومة اذا كان الكل يريد تشكيلها وفق مفاهيمه ورؤيته ومصالحه وربما مصالح وأجندات من موله وقدم له الأموال ليصل الى السلطة وهل نحن بانتظار المزيد من الجثث على محراب تشكيل الحكومة العراقية هذه هي مخاوفنا وقلقنا مما يحدث الآن أو ما سيحدث خلال سنة قادمة دون حكومة كما تحدث السيد النائب.
كثيرون حول السلطة وقليلون حول الوطن هكذا قالها غاندي يوماً ما وماشهدنا من عدد المرشحين للانتخابات ربما يجعلنا نعيد مقولات تشبه تلك التي قالها غاندي حول السلطة والوطن , الكل يحلم بالسلطة ومغرياتها لكنهم قليلون أولائك الذين يضعون الوطن نصب أعينهم وهذه واحة من الإشكاليات التي يجب ان تراجع وتغير في عراق ما بعد العام 2003 كونها شكلت مفترقاً مابين الوطن والسلطة وهذان مفهومان اذا لم يلتقيا تحت قبة واحدة فان التشظي سيكون مصير مواطني هذا الوطن.
اليوم المواطن يجد نفسه خاسراً قبل تشكل الحكومة , لهذا على النخب السياسية ان تعيد حساباتها وان يتعاملوا مع الوطن بمعناه الشامل ولايختصر بشخوصهم التي لها دوافعها في تصريحاتهم المعلنة والمخفية في أروقة اجتماعاتهم التي لا تنتهي الا والدماء تسيل على شوارع هذا الوطن المبتلى .
نحن نرغب بحكومة قوية تستطيع ان تحقق للمواطن تطلعاته وتوفر له الأمان بعيداً عن الدماء وصور القتلى التي تتلذذ بها بعض القنوات الإعلامية وتهيئة البلاد لعلاقات متوازنة مع محيطه الإقليمي الذي يسهم هو أيضاً في إشكالية الوطن والسلطة كونه الداعم الرئيس لقوى سياسة فاعلة في المشهد السياسي العراقي ..وعلى تلك القوى ان تفكر بعقلية منتمية لهذا الوطن ولا تعود لاصطفافاتها الطائفية التي أخذتنا بعيدا عن الوطن ووضعتنا في زوايا الحرب الطائفية الضيقة التي لا مخرج منها ابدأ الا بالخطاب الوطني الشامل.
اليوم نسمع عن لملمة شمل السنة ونسمع عن تشظي الشيعة وعن خروج الكورد عن سلطة المركز فيما يخص القضايا العالقة ونحن نصغي لكل هذه التداعيات نتساءل ماذا سيكون حال الوطن والكل يسعى للسلطة وفرض الإرادات على بعض ولا نسمع عن بناء الوطن وقبل الوطن بناء الانسان العراقي الذي خرج يوم التصويت العام ليمنح صوته لمن يستحق حسب اعتقاده ومن يستحق راح يبحث عن السلطة من دون البحث عن الناخب وحاجاته.
اليوم علينا ان نواجه أنفسنا كناخبين ومنتخبين ونجيب على أهم سؤال يطرح بعد الانتخابات من هو الأهم الوطن ام السلطة , نحن نريد وطناً بسلطة قوية لاسلطة مفككة لاتقوى على تحقيق كل ما يحلم به المواطن الذي صنع السلطة بفعل ديمقراطي أشاد به الجميع .
*كاتب عراقي