سمير خليل
التقاعد، نهاية مشوار طويل، سنوات وعقود اكتضّت بالألم والجهد والقلق والالتزام، احترقت خلالها سنوات العمر بين الروتين خلف المكاتب والملفات، او خلف الآلة بطنينها وموسيقاها الرتيبة، أو في أرض شاسعة تحت شمس لاهبة أو برد قارس، وأعمال ومهن أخرى لا تقل عما ذكرنا.
بعد هذا المطاف، يجلس هذا الانسان المتعب، المتقاعد يجتر ذكرياته وأحلامه وغده القصير المجهول، تتلقفه الوحدة وأرائك المقاهي. ينتظر ويعد أيام الشهر ليصطف في طابور ممل كي يقبض معاشه نهاية الشهر. ساعات يقضيها هذا المسكين الذي غزا الشيب مفرقه وحفرت السنون أخاديد التعب في وجهه المتأمل، تحت لفحات الحر ولسعات البرد. وعندما يأتي الفرج يتأبط هذا الصابر مبلغا بسيطا لا يوازي تعب السنين ومشقتها ومذلتها.
ما الذي قدمناه لهذا المكافح الملتزم؟ سؤال يفرضه علينا عمره الذي قضاه في خدمتنا وخدمة بلدنا، أليس من حقه أن يشعر بالأمان والطمأنينة في استراحته الاجبارية الطويلة؟ .
وإذا كانت مكافأته الشهرية المتواضعة لا يمكن التحرك باتجاه زيادتها، فعلى الأقل لنمنحه ما يميزه ويخفف معاناته، وهذا الامر لا يحتاج سوى العمل على تشريعات وقوانين بسيطة تمنح هذا المكافح بعض ما يميزه ويخفف من أعبائه. امتيازات متواضعة تتعلق برعايته الصحية والتعليمية له ولأفراد عائلته، تتضمن تسهيلات للحصول على رعاية صحية عالية وتسهيل قبول اولاده في الجامعات الحكومية والأهلية، وامتيازات وتسهيلات في السفر، في الضرائب، في البيع والشراء، أماكن خاصة لتسوق المتقاعدين، تشمل المواد الغذائية والكهربائية والكمالية بأسعار مدعومة.
واسمحوا لنا أيضا أن نطالب بزيادة راتب المتقاعد الشهري، فهو لا يمتلك أي امتياز أو خصوصية، سوى هذه الأوراق النقدية البسيطة، ونحن دائما ما نسمع ونتابع أن رواتب المتقاعدين ستطرح على طاولات الدراسة والنقاش من أجل تحريكها، وها نحن بانتظار قدوم العام الجديد 2025 الذي نتأمل فيه أن تناقش قضية المتقاعد وراتبه، وهي مهمة جدا، إذا عرفنا أن أعداد المتقاعدين في بلدنا يتجاوز المليونين والنصف، وهذا العدد يساوي عدد عوائل هؤلاء الذين يقفون في صف الانتظار.