ارتفاع الأسعار وقلة الدخل من بين الاسباب
الصباح الجديد ـ متابعة:
تضم العاصمة بغداد، عشرات الأبراج السكنية، التي شُيدت حديثاً لمواجهة أزمة السكن الخانقة في ظل الارتفاع المستمر لسكان البلاد وسط دعوات لتدخل حكومي ينظم أسعار بيع تلك الشقق.
وتعاني البلاد من أزمة سكن حادة، وبحسب وزارة الإسكان فإنها تحتاج إلى ثلاثة ملايين وحدة سكنية لحل تلك الأزمة.
وتجاوز التعداد السكاني للبلاد 40 مليون نسمة، على وفق إحصاء رسمي أعلنته وزارة التخطيط العام الماضي.
وعلى رغم إنشاء العديد من المجمّعات السكنية، في عدة مناطق بالعاصمة بغداد، فإن الأزمة الخانقة ما زالت تلقي بظلالها على الحياة العامة والمواطنين منخفضي الدخل بسبب ارتفاع تكاليف شراء تلك الوحدات.
أسعار مرتفعة
أنشئ نحو 40 مجمعاً سكنياً جديداً في بغداد وحدها، خلال السنتين الماضيتين، وما زالت أعمال البناء جارية في بعضها، حيث تبدأ الأسعار غالباً، من 80 ألف دولار، وصولاً إلى نحو 300 ألف دولار في مركز العاصمة.
وتمثل تلك الأرقام، خيالاً بالنسبة للطبقة العظمى للشعب العراقي؛ بسبب انخفاض المداخيل بشكل عام وتفشي البطالة في صفوف الشباب، وهو ما يجعل شراء تلك الوحدات يقتصر على الطبقة الوسطى مثل الموظفين وأرباب المهن الراقية أو الأثرياء وغيرهم.
في هذا الإطار، ترى الخبيرة الاقتصادية سلّام سميسم أن “وجود تلك المجمعات والأبراج السكنية مسار صحيح للتخفيف من أزمة السكن، لكن المأزق أيضاً يتعلق بغياب سندات الملكية إذ إن المالكين لتلك الشقق يدخلون كمالكي أسهم وليس بسند مستقل”.
وتضيف الخبيرة سميسم أن “هناك أشخاصاً وجهات تحتكر استصدار تلك السندات الرسمية؛ بسبب شبكة العلاقات والزبائنية، ما يجعلها تتحكم في الأسعار، وهذا سينعكس سلباً على أزمة السكن بشكل عام”.
وبسبب تلك الأزمة، نشأت مئات المناطق العشوائية، التي يسكنها فقراء، وفئات مهمشة في المجتمع، مثل الأيتام والعاملين في المهن متدنية الدخل، أو التسول، فضلًا عن المشمولين بالإعانات الاجتماعية، وهي مساعدات تقدمها الحكومة لبعض الفئات.
وأعلنت وزارة التخطيط، العام الماضي، وجود اربعة آلاف عشوائية منتشرة في كل المحافظات، ويسكنها نحو ثلاثة ملايين و300 ألف شخصا.
ويرى خبراء الاقتصاد، أن نشوء أزمة السكن، جاء بسبب غياب التخطيط والرؤية البعيدة لدى المسؤولين، عمّا سيكون عليه حال الشعب، بعد سنوات قليلة مقبلة، وهذا ما أوقع البلاد في هذا المأزق، الذي ربما يحتاج إلى سنوات، للخروج منه، في حال اتباع الإجراءات السليمة.
مناظر آسرة على دجلة
من جهته، أكد المحلل الاقتصادي عبدالحسن الشمري، أن “الأبراج السكنية ظاهرة حضارية، وتعطي جمالية للعاصمة بغداد، وستساهم في إخماد أزمة السكن، كما أنها تحتل مساحة أقل، مقارنة بالمدن الأفقية، وهو ما يقلل استخدام الأرض، وبالإمكان استثمار ما تبقى في إنشاء المتنزهات، ومدن الألعاب، وهي دفعة جيدة للمجتمع العراقي بشكل عام”.
ويضيف: “ أن “ما يؤخذ على تلك المجمعات هو ارتفاع أسعارها، وهذا يأتي بسبب المواصفات العالية، وقلتها النسبية، وعدم انتشارها على نطاق أوسع، ما يعني تصاعد الطلب وقلة العرض”.
ولفت إلى أن “تلك المجمعات ستغير وجه العاصمة بغداد، نحو الأفضل، وكلما كانت قريبة من الأنهار والمناظر الخلّابة فإنها ستعطي مناظر آسرة، وتساهم في تقدم العاصمة”.
وتحتل العاصمة بغداد، المركز الأول بالعشوائيات، بواقع 522 ألف وحدة سكنية، فضلًا عن 700 وحدة في محافظة البصرة، وتُعدّ محافظة كربلاء الأقل من ناحية انتشار العشوائيات بواقع 98 عشوائية.
والعشوائية، تعني المنطقة السكنية التي تحتوي المئات من المنازل المبنية غالبًا من الصفيح، أو الطين، وبعضها بالطابوق، لكنها غير نظامية، وتشكل غالبًا ضغطًا على خدمات البنى التحتية، للمناطق النظامية، فضلًا عن افتقارها للخدمات البلدية، بداعي عدم تثبيتها بشكل رسمي.