الصباح الجديد ـ متابعة:
استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجع بسبب جني الأرباح وتوقعات حدوث تقدم في المفاوضات النووية مع إيران في فيينا.
في المقابل، استمر تعافي الطلب وتنامي الاستهلاك في تعزيز مكاسب الأسعار، خاصة مع بقاء المخاوف من شح وانقطاع بعض الإمدادات بسبب المخاطر الجيوسياسية في أوكرانيا وسوء الطقس في الولايات المتحدة.
ويكافح المنتجون في تحالف “أوبك +” من أجل الوفاء بزيادة شهرية جديدة في آذار المقبل بنحو 400 ألف برميل يوميا وسط صعوبات تتعلق بتآكل الطاقة الاحتياطية ونقص الاستثمارات الجديدة وتصاعد التوترات في عدد من مناطق العالم.
وقال محللون نفطيون، إن خام برنت قفز بنحو 20 في المائة منذ بداية العام الجاري، حيث جاء ارتفاعه في الوقت الذي ظل فيه الاستهلاك العالمي قويا على الرغم من انتشار متغير “أوميكرون” من فيروس كورونا، بينما تراجعت المخزونات النفطية العالمية بشكل لافت. وذكر المحللون أن الصعوبات المنتشرة في استعادة الإمدادات النفطية قد تزيد العبء على عاتق دول الأعضاء في تحالف “أوبك +”، خصوصا المنتجين الذين يتمتعون بقدرات إنتاجية واحتياطية قوية، ولا سيما السعودية والإمارات والعراق والكويت، حيث يسعى التجار إلى الاستفادة من هذه السعة الفائضة المتاحة لتغطية أي اضطرابات في السوق.
وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن تقلبات الأسعار مستمرة بسبب جني الأرباح بعد ارتفاعات كبيرة سابقة وتوقعات حدوث انفراجة في المفاوضات النووية الدولية في فيينا، التي قد تعيد بعض الإنتاج الإيراني من النفط الخام إلى الأسواق.
وأشار إلى ثقة “أوبك +” بتعافي الطلب، وهو ما دفعها إلى اختيار قرار زيادة إنتاجها اليومي من النفط الخام بمقدار 400 ألف برميل يوميا الشهر المقبل، رغم أن عديدا من محللي الطاقة في المجموعة يرون صعوبة إضافة كثير من الإمدادات النفطية إلى السوق بسبب مشكلات الإنتاج لدى بعض الدول أعضاء “أوبك +”.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، إن حالة من الثقة والتفاؤل تسيطر على السوق بعد استمرار تسجيل مكاسب قياسية والتحرك بخطوات قوية نحو مستوى 100 دولار للبرميل، الذي بات قريب التحقق حاليا أكثر من التقديرات السابقة. من ناحيته، أوضح ماثيو جونسون المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن أسعار النفط وصلت بالفعل إلى أعلى مستوى لها في سبعة أعوام فوق 92 دولارا للبرميل وتواصل الزحف نحو مستوى فوق 100 دولار للبرميل، خاصة في ظل تسارع وتيرة الطلب بما يفوق نمو العرض الذي جاء محدودا، حيث تمثل إضافات الإنتاج من جانب تحالف “أوبك +” زيادة محدودة للغاية مقارنة باتساع كبير في استهلاك الوقود مع رفع القيود السابقة المرتبطة بأزمة الوباء.
ولفت إلى أن المخاوف الحالية في السوق النفطية تتعلق بكون هذا الارتفاع للأسعار مؤثرا في الطلب في ظل اشتعال موجة التضخم التي تحبط البنوك المركزية وتسبب أزمة في تكلفة المعيشة للملايين.
من جانب آخر، أكد محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، أن المنظمة لها دور محوري في تسريع وتنفيذ برامج تحول وانتقال الطاقة، لافتا إلى أن “أوبك” تعمل على تعزيز التعددية وتعميق الشراكة مع كل الأطراف في صناعة الطاقة. وقال باركيندو في محاضرة أمام الأكاديمية الدبلوماسية في فيينا، أن هناك جهودا واسعة للدول الأعضاء في “أوبك” والدول المنتجة للنفط من خارج “أوبك” بموجب “إعلان التعاون’’ في قضايا حيوية مثل مكافحة تغير المناخ وعلاج فقر الطاقة ودعم التنمية المستدامة، لافتا إلى أهمية وجود مناخ استثماري يمكن التنبؤ به لمعالجة احتياجات الطاقة العالمية.
وأشار باركيندو إلى أن للمنظمة تاريخا طويلا في دعم القضايا البيئية والتنمية المستدامة التزاما بإعلان القمة الثالثة لرؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في منظمة أوبك في السعودية 2007، ومع الاعتراف ليس فقط بأهمية استقرار أسواق الطاقة العالمية، لكن الحاجة إلى استخدام الطاقة من أجل التنمية المستدامة والطاقة والبيئة، ما يجعل “أوبك” سابقة لعصرها.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط دولارا أمس وسط بوادر على إحراز تقدم في المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران قد تفضي إلى رفع العقوبات الأمريكية على مبيعات النفط الإيرانية، ما يعوض أثر المخاوف بشأن شح الإمدادات.
وبحسب “رويترز”، انخفض خام برنت 96 سنتا بما يعادل 1 في المائة إلى 92.31 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس بعد أن لامس مستوى 94 دولارا في وقت سابق، وهو أعلى مستوياته منذ تشرين الأول 2014.
وانخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.31 دولار أو 1.4 في المائة إلى 91 دولارا للبرميل. وكان قد ارتفع في وقت سابق إلى 92.73 دولار.
وإذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات عن إيران فيمكن لها أن تزيد من شحنات النفط، ما يؤدي إلى زيادة المعروض العالمي من النفط.
وما يزيد المخاوف بشأن الإمدادات استمرار التوتر في شرق أوروبا، إذ قال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، الأحد، إن روسيا قد تغزو أوكرانيا خلال أيام أو أسابيع، لكن ما زال بإمكانها اختيار مسار الدبلوماسية.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 92.84 دولار للبرميل الجمعة مقابل 89.98 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع كبير عقب عدة انخفاضات سابقة، وأن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 90.21 دولار للبرميل.
جني الأرباح يضغط على أسعار النفط .. المخاطر الجيوسياسية تدعم استمرار المكاسب
التعليقات مغلقة