الصباح الجديد ـ متابعة:
بعد ثبوت تورطها في العديد من ملفات الفساد المالي والسياسي، تعالت الأصوات في تونس لحل حركة النهضة الإخوانية، التي شاركت في حكم البلاد لنحو عقد من الزمان.
وطالب حقوقيون بتطبيق القانون على الحركة الإخوانية على غرار ما حدث مع حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، الذي أطاحته احتجاجات حاشدة في 2011.
وأكد المحامي والحقوقي ياسين عزازة أن عشرات المحامين يستعدون لرفع شكوى جزائية، سيتم إيداعها في غضون الأيام القليلة المقبلة في وكالة الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس، لمقاضاة حركة النهضة والمطالبة بتجميد أموالها.
جمع الأدلة
وتابع: “القانون يجب أن يطبق على الجميع. النهضة متورطة بحسب مؤيدات تقرير دائرة المحاسبات في الفساد المالي وفي تلقي أموال أجنبية، وهو ما يعتبر مخالفة صريحة لنصوص القانون التونسي”.
وقال عزازة إن عددا من المحامين بصدد جمع الدلائل التي تدين الحركة، “كتقرير محكمة المحاسبات وتقرير تفقدية القضاة بقضية وكيل الجمهورية بشير العكرمي، الذي يعد بيدق النهضة داخل جسم القضاء”.
وأضاف أن الدلائل تشمل أيضا ملف “تسفير الشباب للجهاد في سوريا، إضافة إلى ما حدث يوم 25 يوليو حيث عمد رئيس الحركة راشد الغنوشي إلى دعوة أنصاره عبر صفحته الرسمية على منصات التواصل لاقتحام البرلمان”، وهو ما يعتبره المحامي إضرارا بتونس وشعبها وحثا للمواطنين على التقاتل.
ومن جهة أخرى، دعت الكاتبة والجامعية ألفة يوسف، ، إلى تطبيق القانون على حركة النهضة لكن ليست بطريقة ثورة 14 يناير التي خلفت 10 سنوات صعبة على تونس، بل “من خلال إجراء التحقيقات اللازمة ضد النهضة وقياداتها وفق القانون التونسي، ومعاقبة كل من يثبت تورطه في الفساد المالي وفي تسفير الشباب لبؤر الإرهاب، وفي الاغتيالات السياسية”.
وأكدت الباحثة: “أعرف مسبقا أنهم مورطون في كل هذه الجرائم، لكن وجب اليوم إثباتها بالوثائق ثم تطبيق القانون”.
وتابعت: “نحن نريد ديمقراطية حقيقية لا كاذبة كما حصل في 2011، وعليه كل الناس أبرياء حتى تثبت إدانتهم، وعلى القضاء أن يقول كلمته بكل نزاهة، وأنا على يقين أننا سنصل لمحاسبة الإخوان بالقانون “.
خيارات قيس سعيّد
ومن جهة أخرى، اعتبر الناشط السياسي نبيل الرابحي، أن التهم المتعلقة بحزب النهضة الواردة في تقرير دائرة المحاسبات وترتبط أساسا بفساد مالي وسياسي، تحتاج إلى سنوات لإثباتها، لأن “الكشف عن المخالفات الانتخابية ومسار تحويل التمويلات من الخارج يتطلب وقتا”.
وأضاف أنه “رغم الدعوات الشعبية لمحاسبة حركة النهضة، فإن الرئيس قيس سعيّد لن يتجاوز القانون، وسيعمل على إثبات تورط إخوان تونس قانونيا، وستأخذ القضايا مجراها إلى حين إثبات تورط الإخوان”.
مكسب للنهضة
في المقابل، أوضح المحامي عماد بن حليمة أنه “ضد الدعوات لحل حركة النهضة في الوقت الحالي، لأنها قد تجعل منهم ضحايا لدى البعض وأمام المجتمع الدولي”.
وأضاف أن “الأولوية اليوم هي كشف جرائم الحركة أمام الرأي العام وجرها أمام القضاء، أما إجراءات الحل في الوقت الحالي فقد تقويهم من الداخل، في وقت تتناحر به شقوق الحركة وتتهم فيه القيادات راشد الغنوشي بجرهم للمحرقة والمواجهة مع الشعب”.
أما الباحث في تاريخ الجماعات الإرهابية عبيد الخليفي، فأوضح أن الدعوات لحل حركة النهضة على شاكلة حل حزب التجمع منذ 10 سنوات “فيه نوع من عدم التمايز بين الظرفين التاريخيين”.
وقال إن “النهضة متورطة بشكل صريح في تلقي أموال أجنبية خلال الحملة الانتخابية، وهو ما يؤدي بالضرورة لسقوط قائماتها داخل البرلمان، وبالتالي أخذ القرار القضائي من محكمة المحاسبات إلى المحاكم العادية للبت في حل الحركة بسبب حصولها على أموال أجنبية، وهو ما يجرمه القانون”.
وأوضح الخليفي أن الدعوة لحل حركة النهضة سيمنحها نوعا من المظلومية، لكن “اللجوء لمحاسبتها بالقانون تحت إشراف سلطة قضائية مستقلة على خلفية صعودها في انتخابات 2019 بأموال خارجية، يجعل من قرار حلها نتيجة حتمية”.