انتعاش غير متوقع يخرج الاقتصاد الأوروبي من ركود الجائحة

نظرة أكثر إيجابية للعام الجاري

الصباح الجديد ـ متابعة:

نما اقتصاد منطقة اليورو بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثاني من العام، ليخرج من ركود ناجم عن جائحة فيروس كورونا مع تخفيف القيود الهادفة لوقف انتشار الفيروس، بينما تجاوز التضخم هدف البنك المركزي الأوروبي عند 2 في المائة، في تموز .
ووفقا لـ”رويترز”، قال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي “يوروستات” ، إن تقديره الأولي للناتج المحلي الإجمالي في 19 دولة تتعامل باليورو أشار إلى نمو 2 في المائة على أساس فصلي و13.7 في المائة، على أساس سنوي. وفي الوقت نفسه، فإن النظرة المستقبلية للاقتصاد خلال العام الحالي تبدو أكثر إيجابية.
وعانى اقتصاد منطقة اليورو ركودين فنيين، وهو يعرف بأنه تسجيل انكماش على مدى ربع عام، منذ بداية 2020، مع تضرره من قيود فيروس كورونا في أحدث فترة وهي الممتدة بين نهاية 2020 وبداية 2021.
وتراجع الناتج المحلي الإجمالي للتكتل بشكل كبير في أول ثلاثة أشهر من العام الجاري بسبب ضعف في ألمانيا، حيث تسببت إجراءات العزل العام المفروضة منذ تشرين الثاني في تقييد الاستهلاك الخاص.
وعاود أكبر اقتصاد أوروبي النمو في الربع الثاني، لكن بوتيرة 1.5 في المائة، على أساس فصلي، وهي أقل قوة من الانتعاش المتوقع.
وقال “يوروستات” إن تضخم منطقة اليورو تسارع إلى 2.2 في المائة، في تموز، وهو أعلى معدل منذ تشرين الأول 2018، من 1.9 في المائة، في حزيران وفوق متوسط توقعات خبراء اقتصاديين عند 2 في المائة، وكانت أسعار الطاقة مجددا العامل الدافع، إذ ارتفعت 14.1 في المائة على أساس سنوي.
وباستبعاد المكونات، التي تتقلب أسعارها وهي الطاقة والأغذية غير المصنعة، أو ما يطلق عليه البنك المركزي الأوروبي التضخم الأساسي، زادت الأسعار 0.9 في المائة، على أساس سنوي، دون تغيير عن حزيران.
وكان خبراء اقتصاد قد توقعوا نزولا إلى 0.7 في المائة، ومن المستبعد أن تسبب الأرقام حالة من القلق لصانعي السياسات، الذين حذروا بالفعل من ارتفاع مؤقت للتضخم، وأوضحوا أنهم لن يعدلوا السياسات، إذ من المرجح أن تتبدد عوامل استثنائية تقف خلف الزيادة، مثل صعود أسعار النفط، في العام المقبل.
كما ذكر يوروستات أن معدل البطالة في منطقة اليورو نزل في حزيران إلى 7.7 في المائة، من قوة العمل أو ما يعادل 12.517 مليون شخص من مستوى معدل بالزيادة عند 8 في المائة في أيار أو ما يعادل 12.940 مليون. وكان اقتصاديون قد توقعوا أن يسجل معدل البطالة 7.9 في المائة.
وبين الاقتصادات الأفضل أداء كان ثالث ورابع أكبر اقتصادين في المنطقة وهما إيطاليا وإسبانيا، إذ سجلا نموا فصليا 2.7 في المائة و2.8 في المائة، وتوسع اقتصاد البرتغال المعتمد بقوة على السياحة 4.9 في المائة.
ونما اقتصاد فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، 0.9 في المائة، ما يفوق التوقعات بقليل، مع تخفيف ثالث عزل عام بشكل تدريجي بدءا من أيار.
وتفصيليا، عاد الاقتصاد الإسباني إلى النمو في الربع الثاني من العام مع ارتفاع في إجمالي الناتج المحلي 2.8 في المائة، مقارنة بالربع السابق، ما يؤكد انتعاش النشاط الاقتصادي على الرغم من عدم اليقين الناجم عن جائحة كوفيد – 19.
في الربع الأول من العام انكمش الاقتصاد الإسباني 0.4 في المائة، بعدما سجل انهيارا غير مسبوق 10.8 في المائة، في 2020 في تراجع من الأكثر حدة بين الدول المتطورة.
وأتى التراجع في مطلع العام نتيجة لقيود جديدة لمكافحة انتشار فيروس كورونا وموجة برد غير مسبوقة، بينما كان النمو في الربع الأخير من 2020 معدوما.
وعلى وتيرة سنوية، يشكل التحسن المسجل في الربع الثاني من 2021 انتعاشة لافتة، فمستوى إجمالي الناتج المحلي ارتفع بنحو 20 في المائة، مقارنة بالربع الثاني من 2020 الذي شهد إغلاقا صارما ووقف كل النشاطات الاقتصادية غير الأساسية على مدى أسبوعين.
ونتج التحسن، خصوصا عن إلغاء القيود على التنقل داخل الأراضي الإسبانية في الربيع ومعاودة النشاط السياحي والوتيرة السريعة لحملة التلقيح.
إلا أن التفاؤل تراجع نسبيا في تموز مع ارتفاع كبير في الإصابات، خصوصا في صفوف الشباب، ما دفع دولا أوروبية عدة من بينها فرنسا وألمانيا إلى تحذير مواطنيها من مغبة السفر إلى إسبانيا.
وعلى الرغم من المخاوف، التي تطول القطاع السياحي، وهو من أعمدة الاقتصاد الإسباني، أبقت الحكومة هذا الأسبوع توقعات النمو لعام 2021 عند مستوى 6.5 في المائة. في المقابل، عدل صندوق النقد الدولي توقعاته لإسبانيا فخفضها من 6.5 في المائة، إلى 6.2 في المائة.
وسجلت البطالة في إسبانيا تراجعا في معدلها خلال الفصل الثاني من العام بلغ 15.26 في المائة من القوة العاملة مقابل 15.9 في المائة في الفصل الأول، في مؤشر على تعاف تدريجي لاقتصاد البلاد، التي كانت من الدول الأكثر تضررا جراء أزمة وباء كوفيد – 19.
وذكر المعهد الوطني للإحصاء أن عدد العاطلين عن العمل تراجع نحو 110 آلاف شخص، ليبلغ العدد الإجمالي 3.54 مليون، ولا يأخذ هذا التعداد في الحسبان عدد الأشخاص في البطالة الجزئية الذي بلغ نحو 450 ألفا أواخر حزيران بحسب وزارة الأمن الاجتماعي.
إلا أن عدد العاطلين عن العمل لا يزال أكبر بكثير من ذلك المسجل في الفصل الثاني من 2020، مع نحو 176 ألف شخص إضافي. وارتفع عدد الأشخاص، الذين لديهم وظيفة في جميع القطاعات، خصوصا في قطاع الخدمات، إذ إن السياحة والفنادق والمطاعم شهدت زيادة في نشاطها منذ أيار بعدما تضررت كثيرا جراء الأزمة.
ويسجل التوظيف تحسنا، خصوصا في المناطق الموجهة أكثر نحو السياحة، وهي الأندلس وجزر البليار ومنطقة فالنسيا.
وقالت ناديا كالفينيو، وزيرة الاقتصاد هذا الأسبوع “إن الاقتصاد يشهد تطورا إيجابيا منتصف آذار “، وأضافت أن “كل شيء يشير إلى تعاف قوي في النصف الثاني من العام”.
بدوره عاد الاقتصاد الفرنسي إلى النمو في الربع الثاني من العام الجاري بوتيرة من المتوقع أن ترتفع على مدار الصيف، في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة رفع كل القيود، التي تهدف إلى السيطرة على جائحة كورونا.
وسجل ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو معدل نمو 0.9 في المائة خلال الأشهر الثلاثة حتى حزيران الماضي، على الرغم من تشديد قيود الإغلاق في نيسان للسيطرة على ارتفاع معدل الإصابات بفيروس كورونا، وتخفيف الضغوط على المستشفيات.
وارتفع معدل الإنفاق الاستهلاكي واستثمارات الشركات في ظل تراجع تأثير القيود في الأنشطة الاقتصادية، مقارنة بالفترات السابقة للجائحة.
وكان خبراء الاقتصاد، الذين شاركوا في استطلاع أجرته وكالة “بلومبيرج” للأنباء قد توقعوا نمو الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا بمعدل 0.8 في المائة.
وتتوقع الحكومة الفرنسية أن يصل معدل النمو الاقتصادي خلال العام الجاري بأكمله إلى 6 في المائة.
ووصلت الثقة بالأوضاع الاقتصادية في منطقة العملة الأوروبية الموحدة اليورو إلى مستوى قياسي في تموز ، مدفوعة بارتفاع الثقة بقطاعي الصناعة والخدمات.
وأظهر استطلاع نشرت المفوضية الأوروبية نتائجه ، أن ارتفاع مؤشر الثقة الاقتصادية بلغ 119.0 مقابل 117.9 في حزيران.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة