الصواريخ الفلسطينية تغير واقع تل ابيب للابد..
تتواصل الاحداث متسارعة في غزة وباقي المدن الاسرائيلية بنحو جعل وسائل الاعلام العالمية، تتناول ادق التفاصيل في الحياة اليومية للإسرائيليين من خلال مراسليها فقط، بعد غضب مسؤوليها من رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي حاول استغلال هذه الوسائل لترهيب الفلسطينيين في غزة عندما صرح بعزمه القيام بحرب برية وحرك قطعات عسكرية صوب غزة بالفعل، اذ اعتبر اصحاب ورؤساء هذي الوسائل ان نتنياهو ولاعلام الاسرائلي كذبا عليهم لجرهم الى ما يخدم مصالحه.
هنا متابعة للصباح الجديد في آخر التطورات في العاصمة الاسرائلية حيث مركز القرارات والمال والاقتصاد، التي تناولتها بعض وسائل الاعلام
الجزيرة نت
تعكس مشاهد هروب الإسرائيليين من الشوارع والساحات الرئيسية وشواطئ البحر في مدينة تل أبيب مع دوي صفارات الإنذار منذرة بقدوم صواريخ المقاومة، التحول في حياة سكان المدينة التي تلقب بـ”مدينة الحياة بلا توقف”.
وقد فرضت المقاومة الفلسطينية واقعا جديدا باختراقها لوهم المناعة الذي عاشته تل أبيب منذ عام 2014، حينما تعرضت لرشقة صاروخية محدودة في نهاية عملية “الرصاص المصبوب”.
وتعد تل أبيب مركزا اقتصاديا وتجاريا، وتضم بورصتي تل أبيب والمجوهرات، والمقرات الرئيسية لجميع المصارف وفي مقدمتها بنك إسرائيل، والعديد من مقرات كبريات الشركات والمكاتب ومراكز البحث والتطوير، ولذلك فإنه ينظر إلى تل أبيب باعتبارها العاصمة الاقتصادية والتجارية وحتى الفنية والثقافية لإسرائيل، ويعتبر اقتصادها ثاني أفضل اقتصاد في الشرق الأوسط، وهي من أكثر المدن غلاء بالعالم.
وأعادت مشاهد إطلاق صواريخ المقاومة من غزة ووصولها إلى ما بعد تل أبيب، إلى العقلية الإسرائيلية ذكريات حرب الخليج عام 1991، حين تعرضت المدينة لأول مرة لهجوم بصواريخ سكود أطلقت من العراق، وتحولت لمدينة أشباح، حيث شلت الحياة بالمدينة على مدى أسابيع، بعد أن هجرها كثير من سكانها بحثا عن الأمان.
ومع أصوات انفجار العشرات من صواريخ المقاومة -التي فشلت منظومة القبة الحديدية في اعتراضها- وسقطت في مناطق مأهولة في منطقة “تل أبيب الكبرى”، وتسببت بخسائر وأضرار فادحة بالممتلكات فضلا عن قتلى وإصابات لم تعلن الجهات الرسمية تفاصيلها كاملة، استعاد السكان أصوات انفجارات العمليات التفجيرية التي نفذتها حماس خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، والتي أودت بحياة عشرات الإسرائيليين.
خوف وهلع
وبسبب اتساع مدى صواريخ المقاومة القادمة من غزة، اختار الصحفي الإسرائيلي يوآف شتيرن مغادرة مكان سكنه في تل أبيب والانتقال إلى بلدة بردس حنا على بُعد 60 كيلومترا.
وقال شتيرن: أن قصف تل أبيب برشقات صاروخية لم يفاجئ الإسرائيليين الذين باتوا على قناعة بأن صواريخ المقاومة ستسقط أبعد من تل أبيب، فقد أرسلت لهم المقاومة رسالة تحذيرية في نهاية حرب 2014.
ويؤكد الصحفي الإسرائيلي أن تل أبيب لم تعد آمنة اليوم كما كانت في السابق، فالكثير من العائلات والأسر هجرتها بعد أن أضحت في مرمى صواريخ المقاومة.
وأوضح شتيرن أن “تل أبيب تعيش اليوم -ومعها نحو 5 ملايين مواطن في جنوب البلاد- حالة من الخوف والهلع، وهو الأمر الذي لم يعهده سكان المدينة في جولات التصعيد السابقة.. اليوم مسيرة الحياة التي اعتادت عليها تل أبيب وتميزت بالهدوء خلال الحروب ما عادت كذلك، وهي معادلة فرضتها المقاومة وصواريخها”.
تغير للأبد
ويعتقد شتيرن أن نمط وأسلوب الحياة اليومي في تل أبيب وضواحيها قد تغير ولن يعود كما كان، مضيفا “ما عاد هناك حياة ليل وترفيه، فهناك عائلات تهجرها بحثا عن الأمن والأمان المؤقت”، مرجحا أنه بعد انتهاء الحرب فإن الكثير من العائلات ستنتقل للسكن ببلدات أخرى.
ولفت الصحفي الإسرائيلي إلى أن “العاصمة الاقتصادية والتجارية تشهد ركودا في التعاملات، وقد ينعكس ذلك سلبا مستقبلا على السياحة وما توفره من فرص عمل، وكذلك على كون المدينة تمثل منطقة جذب للاستثمارات والقوى العاملة والأدمغة المحلية والأجنبية، والعائلات والأزواج الشباب الذين سيفكرون مليا قبل اتخاذ قرار السكن في تل أبيب”.
وخلص شتيرن إلى أن “إسرائيل باتت تعيش واقعا جديدا، حيث لم تعد هناك منطقة بعيدة عن نيران وصواريخ المقاومة”، وفي حين اعتبر ذلك إنجازا لحركة حماس، فإنه رأى أن ردة الفعل الإسرائيلية عبر الضربات العسكرية القوية لن تغير من هذا شيئا.
واقع جديد
ويتبنى الطرح ذاته المتحدث باسم كتلة “السلام الآن” آدم كلير، الذي يسكن في مدينة “حولون” المتاخمة لتل أبيب، وكانت أولى البلدات اليهودية في منطقة المركز التي سقطت بها صواريخ المقاومة وتسبب بإصابات وأضرار جسيمة في الممتلكات.
يقول كلير: إن إسرائيل تواجه واقعا جديدا بعد قصف تل أبيب التي كانت رمزا لمناعة الأمن القومي سواء للدولة أو الفرد الإسرائيلي، إذ غابت عن تل أبيب -بفعل صواريخ المقاومة وصفارات الإنذار- حياة الليل والترفيه، كما تعطلت عجلة الاقتصاد وحركة التجارة والسياحة الداخلية، خصوصا أن المدينة كانت على موعد مع نشاط سياحي كبير خلال الشهر الجاري.
وسرد كلير اللحظات الأولى لسماع دوي صفارات الإنذار في مسقط رأسه والتي تعالت أيضا في تل أبيب، “لأول مرة نسمع هذا الصوت الذي ينذر بالحرب على جبهة غزة، غالبا ما عاشت المنطقة بعيدا عن هذه الأصوات التي خلقت الآن حالة من التشتت والشعور المبهم والإحباط والخوف من المستقبل”.
وأضاف “لقد شعرت بغربة بعض الشيء، أنت تحاول العيش كالمعتاد، بينما تحدث أشياء مروعة في مكان آخر تزحف نحوك، وهذا لم تعهده تل أبيب بالسابق”.
تل أبيب.. عنوان لنكبة فلسطين
وبحسب كلير، تعد تل أبيب بالنسبة لليهود مدينة “مقدسة”، إذ تشكل رمز القوة الاقتصادية والتقدم والحداثة وثقافة الوفرة، وحياة الليل وأسلوب الحياة الممتعة، وفي المقابل، فإن المدينة في نظر الفلسطينيين تجسد رمزا رئيسيا لجرائم القتل والتهجير في النكبة.
وأسست تل أبيب على مناطق الرمال والشاطئ شمالي يافا عام 1909 كجزء من مستعمرات أسستها الحركة الصهيونية لليهود الإشكناز الذين تم استقدامهم من أوروبا، ولفرض وقائع على الأرض ولإفشال قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة، سارعت الحكومة الإسرائيلية إلى توسيع تل أبيب على حساب 26 قرية فلسطينية مهجرة، وضم يافا -التي كانت ضمن الدولة العربية بموجب قرار التقسيم- إلى نفوذ تل أبيب الكبرى.
وإلى جانب تل أبيب -التي يبلغ تعداد سكانها نحو 500 ألف نسمة- وبغية طمس ومحاصرة مدينة يافا الفلسطينية، أقيمت مدن يهودية ملاصقة لها على أنقاض تلك البلدات المهجرة، حيث تعرف هذه البلدات باسم “غوش دان” أو “تل أبيب الكبرى”، ويقطنها قرابة 4 ملايين يهودي، كما ينظر لتل أبيب على أنها عاصمة الدولة العبرية، حيث بقيت معظم السفارات الأجنبية والبعثات الدبلوماسية في تل أبيب وضواحيها بسبب الخلاف الدولي حول وضع القدس.