صدر مؤخرا (مع نهاية سنة 2020) عن مؤسسة “باحثون للدراسات والأبحاث والنشر والاستراتيجيات الثقافية” بالمغرب، في حلة أنيقة ومن الحجم المتوسط (حوالي 300 صفحة): كتاب نقدي جديد للشاعر والناقد الفني “د. بوجمعة العوفي” بعنوان: “الشعر والتشكيل في القصيدة المغربية المعاصرة”. قام بتصميم غلافه فنان الغرافيك المغربي “عادل فهمي”.
وإذ يتناول الكتاب بالدراسة والتحليل مختلف الإشكالات والأسئلة والقضايا التي تطرحها علاقة الشعري بالتشكيلي في القصيدة المغربية والعربية المعاصرة، فمَسائل اللساني والبصري، أو المقروء والمرئي، سواء في الثقافات الشفاهية أو الكتابية، هي أيضا ما يطرحه هذا التمايز الملحوظ للصيغ والحدود التدوينية والتوصيلية، المميزة لكل من المقروء (كلغة مكتوبة)، والمرئي (كأشكال وعلامات ورموز غير لسانية)، ولو أن كل مقروء هو بالضرورة مرئي، ويمكن إبصاره كعلامات، أو كأشكال وكُتل خطية، قد تتخذ لها، في التمظهر، شكلا بصريا “أيقونيا” أو “أيقونوغرافيا iconographique ” في النص الشعري.
لذلك كان الحديث في هذا الكتاب عن الشعري والتشكيلي في التجربة الشعرية المغربية المعاصرة، هو بالضرورة حديث عن رهان جمالي وبصري لهذه التجربة. رهان يعمل على نقل القصيدة إلى آفاق أخرى، تطبعها أساسا شعرية المغايرة والاختلاف وأسئلة الكتابة. أي بالمعنى الذي تكون من خلاله هذه الكتابة (القصيدة) قادرة على مجاوزة كتابة السماع والإنشاد نحو كتابة البصر وشعرية العين. ومن ثَم، كان على بعض هذه النماذج الشعرية المعاصرة والمغايرة في المغرب والعالم العربي، أن تقوم بالعديد من المحاولات لتتجاوز فنيا “مزايا” وشعرية السماع، نحو كتابة البصر، وتؤسس، بالتالي وبنفس الإصرار، لشعرية العين، ولقصيدة التشكيل على وجه التحديد، باعتبار المتلقي نفسه قد غير كثيرا من نمط استقباله للشعر، ولم يعد مكتفيا بخَصيصة السماع فقط، خصوصا حين أعادت الوسائط الحديثة وكثافة البصري وخصوبته ترتيب خصائص التواصل والتلقي في المسموع والمرئي على حد سواء. وذلك وفق لغاتها، وخطاباتها الإيحائية، وانفجارها العلاماتي المذهل”.