منتقدوه يصفوه بأنه «يستهدف المسلمين»..
متابعة ـ الصباح الجديد:
صوّت النواب الفرنسيون، امس الثلاثاء، في قراءة أولى على مشروع قانون مكافحة «الانفصاليّة» المثير للجدل والذي يعتبر منتقدوه أنّه يستهدف المسلمين وليس أعداء الجمهوريّة.
وصوّتت الجمعية الوطنية امس الثلاثاء على النصّ الذي «يعزّز المبادئ الجمهورية»، في خطوة تأتي قبل خمسة عشر شهراً من الانتخابات الرئاسية.
ويأتي التصويت إثر نقاشات مستفيضة لمشروع القانون في لجنة خاصة وفي جلسة عامة، جرى خلالها تبنّي 313 تعديلاً، وسيحال للنقاش في مجلس الشيوخ في أبريل.
وأُعدّ مشروع القانون بدفع من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إثر الصدمة التي خلّفتها سلسلة اعتداءات، بدءاً من الهجوم على أسبوعية «شارلي إيبدو» الساخرة في يناير 2015 وصولاً إلى قطع رأس الأستاذ سامويل باتي في أكتوبر الماضي.
ويجرّم النصّ «الانفصالية» ويعزّز الرقابة على الجمعيّات وتمويل الأنشطة الدينيّة ويشدّد الخناق على نشر الكراهيّة عبر الإنترنت، إضافة إلى تدابير أخرى.
ويتشابه المشروع مع قوانين مهمّة على غرار قانون 1905 الذي كرّس الفصل بين الكنيسة والدولة ويُعتبر عماد العلمانيّة الفرنسيّة.
وتريد السلطات من وراء النصّ وضع آليات جديدة لتمويل أنشطة الطوائف الدينيّة وحثّها على وقف تلقّي «تمويلات أجنبيّة». ويضع مشروع القانون رقابة صارمة على أنشطة الجمعيّات الدينيّة والثقافيّة، كما يكرّس مبدأ الحياد (الدينيّ) لموظّفي القطاع العام.
ويهدف ذلك خاصة إلى منع تسرّب أشخاص يُعتبرون متطرّفين إلى أجهزة الدولة، ومكافحة الإسلام المتطرّف.
بدوره، قال وزير الداخليّة، جيرالد دارمانان، خلال افتتاح النقاشات في الجمعيّة الوطنيّة إنّ «بلدنا يعاني من (نزعات) انفصاليّة، أوّلها التطرّف الإسلاميّ الذي ينخر وحدتنا الوطنيّة».
واعتبر دارمانان أنّ مشروع القانون «يطرح استجابات ملموسة للانعزال المرتكز على الهوية ولانتشار الإسلام المتطرف (الذي يمثّل) إيديولوجيا معادية للمبادئ والقيم المؤسّسة للجمهوريّة».
في المقابل، يرى معارضو مشروع القانون أنّه يقيّد الحريّات ويقدّم رؤية ضيّقة للعلمانية وأنّ بعض فصوله مكرّرة وموجودة في قوانين نافذة.
وشهدت الجمعيّة الوطنيّة جدلاً حادّاً حول فصل يتعلّق بالتعليم في المنزل الذي يهمّ اليوم نحو 62 ألف طفل في فرنسا. ويشدّد مشروع القانون الخناق على هذا النوع من التعليم عبر فرض ترخيص مسبق وشروط محدّدة لنيل هذا الترخيص (دوافع صحيّة، إعاقة، تنقّل العائلة بين مناطق عدّة، وغيرها). بعد سلسلة الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا، وموجة المواقف المتبادلة بين الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ودول إسلامية عدّة، أقرت الحكومة مشروع قانون «تعزيز مبادئ الجمهورية»، الذي يهدف في أساسه «التصدي للتطرف الإسلامي»، وسط مخاوف وشكوك حول إمكانية استغلاله لقمع المسلمين في البلاد.
كما يعتبر آخرون أنّ الفرنسيّين يعيشون حالة «إنكار» لوجود الإسلام المتطرّف في بلادهم، ويأسفون مثلاً لعدم إدراج تعديلات حول ارتداء الحجاب الذي يمثّل موضوع نقاش متكرّر في فرنسا منذ نهاية الثمانينات.
وأراد حزب «الجمهوريّون» اليمينيّ المعارض حظر الحجاب في الجامعات وعلى المرافقات المدرسيّات، وهو يعتبر أنّ مطلبه يأتي رفضاً «لشكل من أشكال التبشير» ونضالاً ضدّ «رمز للعبوديّة».
وتظاهر السبت الماضي نحو مئتي ناشط حقوقيّ وأعضاء جمعيّات مسلمة دفاعاً عن حقّ المسلمين «في أن يكونوا مواطنين كالآخرين».
وقالت المتظاهرة نور (39 عاماً): «لستُ عضواً في أيّ جمعيّة، لكنّني جئت اليوم للمطالبة بإنهاء التمييز ضدّ المسلمين الذي ازداد منذ اعتداءات 2015 ويمنعنا من أن نكون مواطنين كالآخرين».
وأضافت «نريد فقط أن نعيش مع الآخرين، مثل الآخرين، دون أن نُمنع من الحصول على وظيفة لأنّنا نحمل اسماً معيّناً أو لأنّنا نتحدّر من هذا الحيّ أو ذاك، وأن تتوقّف عمليّة التحقّق من هوّيتنا كما يحصل بانتظام».