احلام يوسف
نسمع كثيرا عن “جيل الطيبين” و”زمن الخير” وبأن العلاقات في الماضي كانت مثالا للجمال والاخلاص والنقاء، على عكس الحال في الوقت الحاضر، لكن هل كانت الاجيال السابقة خيرة بالمطلق؟! الم يكن هناك سيئون؟ وهل نفتقر جميعا الى صداقة حقيقية، الى حب حقيقي؟ بالتأكيد لا، والا ما كان هناك اصدقاء استمرت علاقتهم عقودا من الزمن وما زالوا يعيشون اروع حالاتها، وما كان هناك زيجات بين الاحبة.
اذاً هناك بالفعل من يستحقون ان نصفهم بأصدقاء حقيقيين، نفتح امامهم ما في دواخلنا من دون خوف او قلق او توجس من ان يعايرنا هذا الصديق يوما ما بما بحنا له من اسرار او عيوب.
يقول الامام الشافعي: أثقل أخواني على قلبي، من يتكلف لي، وأتكلف له، وأحب أخواني إلى قلبي، من أكون معه، كما أكون وحدي.
قد تكون العلاقات تعرضت الى نوع من التغيير بسبب تعدد وسائل التواصل، لكن ظل الصديق الحقيقي موجودا، وفارس الاحلام الواقعي موجودا أيضا.
يقول مهند الياسري الباحث في علم النفس بشأن الموضوع: الانسان بطبعه يطمح الى الكمال دائما، لذلك فلا يمكن ان يصل أحدنا الى حال يكتفي فيه بما لديه، ويبقى يسعى لان يصل الى ابعد من مكانه الحالي، وموضوع الصديق الحقيقي، تعاني منه غالبا الأجيال الجديدة مع ان وسائل التواصل لديهم أكثر وحتى الأماكن التي يمكن ان يتجمع بها الأصدقاء أكثر وأجمل.
واضاف: بعض الشباب اليوم يشعر بالضياع بسبب الفوضى التي تملأ الحياة العراقية بكل تفاصيلها، وحتى نحن، لولا اننا اسسنا لحياة متوازنة مسبقا، لكنا ضعنا معهم وسط اكوام الخيبات والتشويش وانعدام الاستقرار بكل انواعه، لذا فقد يمتلك صديقا حقيقيا بالفعل، لكنه لا يدرك حتى أهمية الاحتفاظ به، ولا حتى الطريقة التي تساعده بذلك، لكن يبقى هؤلاء فئة قليلة.
وتابع: هناك بعض الشباب يمتلكون أصدقاء حقيقيين، وهؤلاء غالبا نشأوا في بيئة سوية، فهناك اسر عديدة تمتلك من الوعي والادراك ما يمكن ان يتحصن به أولادها، لينشأوا متوازنين، يعرفون اين ومتى ومع من يتجهون نحو الأفق. ويجب ان اذكر ان بعض الشباب الذين يتحدثون عن افتقارهم لصديق حقيقي ويكتبون عن الغدر والخيانة هؤلاء يستجدون تعاطف الاخرين ليس أكثر، فهم يفتقرون الى الإحساس بالأمان، أكثر من حاجتهم الى صديق او حبيب حقيقي، تلك هي مشكلتهم.
الصديق الحقيقي موجود في كل زمان ومكان، لكن يحتاج العثور عليه الى اختيار متأنٍ، فاغلب مشكلات من يتعرضون الى الخيبة بالصديق او الحبيب، كان اختيارهم خاطئا، فيبدأون بالبوح بكل خصوصياتهم لشخص لم يمر على علاقتهم به سوى أيام معدودات، لكنهم وبسبب حاجتهم الفعلية الى صديق، تمسكوا به، ليوهموا أنفسهم بأنهم وجدوا ضالتهم، ومن ثم يصدموا بحقيقتهم فيما بعد.