احلام يوسف
دراسات عديدة يعلن عنها سنويا فيما يتعلق بالثقافة الصحية، اخرها ان الماء الذي نشربه يفتقر الى العديد من العناصر المهمة بسبب عمليات التعقيم، وان الفخار او الجرة يمكن ان تعيدها اليه ما يجعله صحيا اكثر.
وتعودنا على ربط الفخار بالأواني التراثية والقديمة، وبعض التحف التي يتم النقش عليها بعدة اشكال ورسوم، لكننا اليوم بدأنا نشاهد استعمالات أخرى قام بها مسبقا اجدادنا، نسيناها في زحمة التطور والتكنولوجيا، متمثلة بالقدر الذي تشتهر به المغرب اليوم ويسمى الطاجن.
الفخار هو الطين المحروق، وقد عرف الإنسان منذ القدم كيف يحول الطين إلى مادة صلبة عن طريق الشي بالأفران (القمائن)، وعرف كيف يشكله ويصنعه ويزججه.
يقول الباحث الآثاري ومدير متحف الناصرية عامر عبد الرزاق: الفخار جوهرة القطع الأثرية، ويعد أهم المواد التي تسهم في تحديد عمر الطبقة الزمنية، والحقبة التي تعود اليها، فالقطع الفخارية أهم من التماثيل والمنحوتات والأختام الاسطوانية وحتى الرقم الكتابية في تحديد عمر الموقع، لأنه من الممكن أن تكون تلك التماثيل أو الأختام تعود لزمن أقدم من الطبقة السكنية الموجودة فيها بسبب حفضها لأجيال عديدة وتوارثها، أما القطع الفخارية التي تستعمل للأعمال اليومية من جرار وأوانٍ وكؤوس وغيرها، فلا تستطيع التحمل لفترة زمنية أكبر، لرخصها وسهولة عملها وتداولها اليومي.
ويتابع: لكل فترة زمنية تصميم خاص للفخار، فالفخار السومري يختلف عن البابلي، وحتى السومري يقسم أيضا لعصر فجر السلالات الأول، والثاني، والثالث، وعصر أور الثالثة. والبابلي يقسم للعصر البابلي القديم، والوسيط (العصر الكشي)، والبابلي الحديث. وكذلك الفخار الأكدي، والاخميني، والساساني، والإسلامي. وكل له طريقته، بشكل الفوهة، والقاعدة، والحوامل، والأشكال التي ترسم عليها.
ويضيف عبد الرزاق ان التكنولوجيا في وقتنا الحاضر اكتشفت فائدة كبيرة للفخار في تحديد الأعمار أيضا من خلال الموجة المغناطيسية، فكل سنة لها موجة مغناطيسية تختلف عن الأخرى موجودة بالجمادات الكونية، وإذا فخر الطين، بقيت هذه الموجة على حالها. وهناك جهاز يستطيع معرفة رسم تلك الموجة وتحديد عمرها السكني.
يفرق اصحاب صناعة الفخار بين انواع الطين “الطين المدري، والطين الحجري” ان الأول يحرق على حرارة ما بين 950 درجة مئوية حتى 1150 درجة مئوية، والثاني يحرق على درجة حرارة ما بين 1200 درجة فما فوق.
اما عجلة الفخار فهي أداة دوارة تستعمل لصناعة وتشكيل الطين، اذ يوضع فوقها، ويتم تدوير الآلة مع الإمساك بالطين بكلتا اليدين لصنع أشكال معينة من الفخار تتمثل بالأواني، والكؤوس، والتماثيل. واستعملت هذه الآلة منذ القدم، اذ كان السومريون في بلاد ما بين النهرين أول من استعملها، وينسب إليهم صنع اول عجلة في التاريخ.
اليوم وبعد التطور الذي حصل في الثقافة الغذائية، بدأ الناس يتجهون الى استعمال الاواني الفخارية بدلا عن اواني التيفال او الالمنيوم وغيرها من المعادن التي استعملت منذ وقت طويل بصناعة قدور الطبخ لان كل الدراسات الحديثة اثبتت انه افضل المواد التي يمكن استعمالها في الطبخ من ناحية تأثيرها على الصحة.