الصباح الجديد-متابعة:
بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة والازمة الصحية التي تشهدها البلاد منذ بدء الحرب بين قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية وبين الحوثيين، والنظام الصحي في اليمن يشهد انهيارا وضع البلد في حالة عجز بشأن التصدي لفيروس كورونا الذي يمثل ازمة عالمية.
الطبيب المسؤول في إدارة مراقبة الأوبئة في محافظة لحج شلال حاصل، اعتاد رصد تفشّي وباء الكوليرا، ويعمل الان على مدار الساعة للتأكد من استعداد اليمن لمواجهة مرض كوفيد-19.
يقول شلال: “ستتكشّف الحال المتدهورة للنظام الصحي في اليمن -سيما بعد الصراع والحرب. المستشفيات هنا محدودة وتعْوزها المعدات اللازمة لاستقبال مصابين بفيروس كورونا”. ودلّل شلال على كلماته بعدد من الصور يظهر فيها أطباء يرتدون سُترات مهلهلة وكمامات بدائية.
ويضيف: “نفتقر إلى معدات الحماية الشخصية المناسبة. فِرَق الاستجابة السريعة تلقّت تدريبا على التعامل مع حالات الإصابة بكوفيد-19 لكنها لا تمتلك معدات الحماية الشخصية. منظمة الصحة العالمية يجب عليها سدّ هذه الثغرة”.
منظمة الصحة العالمية تساعد في تجهيز 37 ما تسميه “مراكز عزل” بالمعدات والطواقم الطبية في اليمن. بعض هذه المراكز كان مرافق صحية وأُعيدَ تجهيزها، والبعض الآخر كان أبنية قديمة حُوّلت إلى مستشفيات مؤقتة. لكن هناك أيضا عوامل نقص أخرى، فبحسب شلال “ليس لدينا أجهزة قياس درجة الحرارة بالأشعة تحت الحمراء؛ وهناك عجز أيضا في أجهزة التحاليل اللازمة للتشخيص، بل إنه لا توجد حتى سيارة إسعاف لنقل الحالات المشتبه بها”.
تقول منظمة الصحة العالمية إن اليمن كله لا يوجد به سوى أربعة معامل فقط لإجراء فحوصات فيروس كورونا. والمعمل الخامس في الطريق ليكون جاهزا.
محمد الشماع من منظمة “أنقذوا الأطفال” قلِقٌ بشأن حال المستشفيات في اليمن والتي لا يعمل سوى نصفها بسبب الحرب.
يقول الشماع: “يمكنك رؤية الخوف باديا على وجوه الأطباء. لدينا بعض الأطباء في مستشفى أو اثنتين أبعدوا حالات أمراض تنفسية عادية تخوّفا من أن تكون حالات إصابة بفيروس كورونا لأن هؤلاء الأطباء ليس لديهم معدات وقائية مناسبة”.
ولا يمتلك اليمن في الوقت الراهن سوى 208 من أجهزة التنفس الصناعي، ومن المفترض أن البلاد تنتظر قدوم 417 جهازا آخر.
تامونا سابادزي، من لجنة الإنقاذ الدولية، تقول إن السيناريو الأكثر احتمالا أنه ستكون هناك حاجة إلى أكثر من 18 ألف سرير رعاية فائقة. “وحتى في حال الحصول على جهاز تنفس صناعي فسيتعذر تشغيله بسبب انقطاع التيار الكهربائي وعدم وجود مولِّد كهربائي، وحتى لو وُجد فلا وقود لتشغيله”.
وفضلاً عن نقص الإمكانيات، هناك قلق إزاء الوعي الصحي العام – أو بالأحرى الافتقار إليه. وفي ظل الإنهاك الذي تعانيه الحكومة اليمنية جراء الحرب، لا توجد هذه الرسائل الوقائية القوية من جانب السلطات على غرار بلدان أخرى.
جانب كبير من المسألة يتعلق بالثقافة، وبحسب الطبيب شلال حاصل “اليمنيون يجتمعون في حشود، والأسواق مكتظة والشوارع ضيقة، وحتى المستشفيات تغصّ بالناس. كل ذلك يعرقل تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي”.
ثم هناك مشكلة الحدود المسامية. يقول شلال: “في اليمن يوجد كثيرون من الأفارقة المهاجرين بنحو غير شرعي، وهؤلاء يشكلون خطرا على الصحة العامة إذا لم يخضعوا للفحص أو المراقبة. وهناك أيضا يمنيون مغتربون في بلاد مجاورة وقد عادوا الآن إلى البلاد، وهؤلاء أيضا يشكلون خطرا”.
محمد الشماع من منظمة “أنقذوا الأطفال” يعرب عن قلقه بشأن نقص الإمدادات والطواقم الطبية في اليمن بسبب إغلاق المجال الجوي منذ منتصف مارس/آذار.
كما يخشى الشماع من انقطاع الإمدادات الغذائية بسبب تدابير الإغلاق في بلد يعاني بالفعل من نسبة سوء تغذية مرتفعة. ووسط التخوفات من انتشار العدوى، كان ثمة بريقُ أملٍ قد لمع في أبريل/نيسان عندما أُعلن وقفٌ لإطلاق النار من جانب واحد هو الائتلاف الذي تقوده السعودية الذي يقاتل الحوثيين في اليمن. هذا الوقف أحادي الجانب لإطلاق النار تم تمديده شهرا آخر، لكن الحوثيين مازالوا يرفضونه.
يقول محمد الشماع إن الاقتتال ما يزال قائما تحت السطح، “التوترات مشتعلة في كل مكان. الحاجة ماسة إلى وقف الصراع أكثر من أي وقت مضى. لا أحد يستطيع الذهاب إلى مستشفى أو عيادة في ظل اشتعال حرب، ولو حدث تفشٍّ لفيروس كورونا فسيكون الوضع مرعبا”.