لم يعد الصمت ممكناً .. ولم يعد السكوت على اغتيال الناشطين والمتظاهرين ممكناً…. ولم يعد أمام الحكومة والبرلمان ورئيس الجمهورية إلا التدخل لمنع ووقف نزيف الدم العراقي.. ولم يعد أمامنا سوى الغضب والثورة على ما يحصل من ردود أفعال تقدمها الطبقة السياسية الحاكمة التي تختبئ خلف جدران الوزارات والدوائر والبرلمان لتتجنب الحساب أمام الشعب.
وإذا استمرت عملية التغاضي والتجاهل من قبل القيادات السياسية لمطالب الناس فلا ريب أن الطوفان قادم ولا منجى حينئذٍ منه. الشعب العراقي ولا سيما الجيل الجديد الشاب الذي مرّغت القيادات الحزبية أنفه بالتراب وجوعته وأذلته وجعلته قريب من الاستجداء. ونحن هنا نشدد على أن الجيل المهان هذا هو السيد وهو الكبير وهو الذي يستحق التقدير وتقديم الخدمات والمناصب والاحترام.
ما الذي تنتظره الكتل الحاكمة التي تتطلع من خلف الشبابيك على ثورة الشعب وغضبه وانعدام صبره وهم لا يحركون قدماً أو يداً أو فماً ولا يقومون بواجبهم الأساس؟! الكتل السياسية التي هي المسؤولة عن نهب البلد وخيراته وموارده تعرف أن عليها أن تترجل وتترك السلطة للناس وترحل وتعفينا من وجوهها الكالحة التي تحولت الى رموز تثير الغضب وتنتهك براءة الشعب وأخلاقياته.. ونحن ندرك أن غالبية تلك الأحزاب لعبت بمقدراتنا من خلال استغلال الدين ووسموا أنفسهم بما ترصّع به جبينهم لم تعبّر عن يأسها من الاستمرار في النهب والسرقات والتحايل، بل أنها تشير لنا الى أنها قد تكون تتهيأ للفتك بالشباب المتظاهر والناس الغاضبين. هذا الفتك قد يحصل بين ليلة وأخرى وما علينا نحن إلا التحذير ودق ناقوس الخطر قبل حصول المجازر وقبل إراقة الدماء.
ولعلنا لا نتجاوز إذا قلنا أن المسؤولية لا تقع على عاتق السيد رئيس الوزراء بل على عاتق الكتل السياسية التي لا تزال تغض النظر عن واجباتها. وأول عمل تقوم به هذه الكتل والأحزاب هو إعاقة تقديم استقالة الحكومة ومن ثم التصويت على حل البرلمان وبالتالي تدشين خطوات الإصلاح الذي تظاهرت بقبوله.
الأزمة العراقية تمر من عنق زجاجة لا يمكن إلا الخروج منها.. ولن نكون ساذجين في أن نعتقد أن الأزمة ستنهي بتنفيذ تلك الخطوات- إعفاء عبد المهدي وحل البرلمان- ولكننا نشدد على أن الحل يبدأ بهذا ويتعين أن ننطلق الى فضاء الإصلاح الشامل ابتداءً بتعديل الدستور وإجراء انتخابات جديدة. وهذه الكتل تعرف أنها ستخسر الكثير من شعبيتها وتديّنها المزيفين وستفسح المجال لمجيئ قوى أخرى شابة وممثلين أكثر قبولاً لدى الشعب الثائر.
حذار .. ثم حذار من الصمت والتغاضي والاعتماد على النوايا الحسنة..
اسماعيل زاير