يعد ضربا لمبدأ الفصل بين السلطات
بغداد – الصباح الجديد:
أكد خبراء، أمس السبت، أن اختصاص مجلس النواب في تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا لا يخوّله تجاوز الآليات الدستورية والتدخل في ترشيح أو التصويت على أعضائها، لافتين إلى أن هذا التوجه يمثل ضرباً لمبدأ السلطات ومحاولة للهيمنة السياسية على القضاء العراقي، منوهين إلى أن صلاحية البرلمان في الموافقة على العنوانين القضائية حددت بموجب الدستور على سبيل الحصر لكل من رئيس وأعضاء محكمة التمييز الاتحادية ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الأشراف القضائي.
وقال الخبير محمد الشريف، إن “خلطا وقع فيه بعض النواب الذين يجدون أن صلاحيتهم في تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا، تخوّلهم وضع مادة فيه تمنحهم الحق في ترشيح أو تعيّين أعضائها”.
وأضاف الشّريف، أن “الأصل في الاختصاص التشريعي لمجلس النواب هو عدم تجاوز الدستور الذي أسّس لمبدأ الفصل بين السلطات على وفق المادة (٤٧) منه، ونصّها (تتكون السلطات الاتحادية، من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات)”.
وأشار، إلى أن «مجلس النواب إذا ما أراد تشريع قانون ما، فعليه مراعاة عدم التدخل في شؤون القضاء بوصفه سلطة مستقلة، وهو ما نص عليه الدستور أيضاً».
وبين الشّريف، أن «العديد من القوانين جرى الحكم بعدم دستوريتها كون الجهة التي شرّعتها كانت قد تخطّت صلاحياتها، وانتهكت الدستور النافذ».
وأوضح، أن «الدستور وضع استثناء لمبدأ الفصل بين السلطات نصوص سمحت لمجلس النواب الموافقة على تعيين عناوين قضائية محددة على سبيل الحصر، وهم رئيس وأعضاء محكمة التمييز الاتحادية، ورئيس الادعاء العام، ورئيس هيئة الأشراف القضائي، استنادا إلى المادتين (٦١/ خامساً/ أ) و (٩١/ ثانيا) منه».
ويجزم الشريف، بان «الدستور وفي جميع مواده لم يتطرق إلى عناوين قضائية أخرى على أن تعيّينها يكون بموافقة مجلس النواب».
وبين، أن «الاستثناء، كما هو معروف، لا يجوز التوسّع فيه، ومن هذا المنطلق تم الحكم بعدم دستورية مواد شرّعها مجلس النواب في وقت سابق كانت تسمح له الموافقة على تعيّين نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية، ونائب رئيس هيئة الأشراف القضائي، ورؤساء محاكم الاستئناف الاتحادية».
وأكد، أن «عدم التوسع في الاستثناء يشمّل أيضا عدم منح مجلس النواب صلاحية تعيّين أو ترشيح أعضاء المحكمة الاتحادية العليا؛ كون الدستور لم ينص على ذلك، بخلاف العناوين التي تم ذكرها سابقاً (رئيس وأعضاء محكمة التمييز الاتحادية، ورئيس الإدعاء العام، ورئيس هيئة الأشراف القضائي)».
وخلص الشريف بالقول، إن «القانون الذي يعمل مجلس النواب على تشريعه للمحكمة الاتحادية العليا يجب أن يتضمن آليات لاختيار أعضائها، ترشيحاً وتعيّيناً، لا تتعارض مع الدستور، ولا تنتهك مبدأ الفصل بين السلطات، ولا تمثل تدخلاً في القضاء».
إلى ذلك، ذكرت أستاذة القانون الدستوري مها الواسطي، أن «قانون المحكمة الاتحادية العليا يجب أن يشرّع بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب، أي بموافقة 220 نائباً، وهو ما نصت عليه المادة (92/ ثانياً) من الدستور».
وأضافت الواسطي، أن «إصرار مجلس النواب على وضع مادة في القانون تسمح له التصويت على أعضاء المحكمة هو خلاف الدستور ومن أجل فرض السيطرة السياسية والحزبية عليها».
وأشارت إلى أن «وصف أعضاء المحكمة الاتحادية العليا بأنهم من أصحاب الدرجات الخاصة ويجب أن تمريرهم استناداً إلى النص الدستوري الذي يخول مجلس النواب الموافقة على تعيين أصحاب هذه الدرجات غير صحيح».
وشددت الواسطي، على أن «العناوين القضائية لها وضعها الخاص ضمن الدستور الذي لم يسمح لمجلس النواب أن تدخل في الموافقة على تعيينها سوى ما ذكر على سبيل الحصر وهم (رئيس وأعضاء محكمة التمييز الاتحادية، ورئيس الادعاء العام، ورئيس هيئة الأشراف القضائي)».
يشار إلى أن مجلس النواب أعلن أنه أنهى النقاشات على قانون المحكمة الاتحادية العليا وسط مخاوف من مواد فيه تسمح تحول الحكم في البلاد إلى النظام الإسلامي.