تحذيرات من سطوة رجال الدين والاضرار بغير المسلمين وضياع حقوق المرأة..
بغداد – الصباح الجديد:
حذر خبراء، أمس الأربعاء، من السعي لفرض هيمنة دواوين الأوقاف على القضاء العراقي، مبينين أن تمرير قانون المحكمة الاتحادية العليا بصيغته الحالية سوف يؤدي إلى ضياع العديد من حقوق المرأة، فيما دعوا مجلس النواب إلى إيقاف مناقشة المسودة وإعادة صياغتها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة للخروج بقانون يتفق مع التجارب الدستورية المتطورة.
قال الخبير محمد الشريف، أن “كتلاً سياسية في مجلس النواب مستمرة في سعيها لتمرير قانون المحكمة الاتحادية بصيغته الحالية برغم حالة الغضب الشعبي وتحذيرات المختصين من إقحام رجال الدين في الملف القضائي”.
وأضاف الشريف، أن “دواوين الأوقاف ستكون لها وفقاً لهذا القانون الكلمة الأولى في المحكمة؛ كونها من سترشح أربعة أعضاء يزاحمون القضاة على اتخاذ القرارات”.
وأشار، إلى أن “الغريب في المشروع أن ترشيح رجال الدين يكون من خلال دواوين الأوقاف من دون التشاور بشأن الأسماء مع الجهات ذات العلاقة”.
وبين الشريف، أن “التوزيع سيكون وفقاً لنظام المحاصصة المذهبية أيضاً، حيث سيعطى للوقف الشيعي عضوين، ومثلهما للوقف السني على أن يكون احدهما بالتنسيق مع إقليم كردستان لكي يشغله رجل دين كردي”.
ومضى إلى ان “الحل الوحيد للخروج من الازمة الراهنة هو ايقاف مناقشة القانون، والبدء بصياغته مرة أخرى بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة وعدم ترك القضاء أسيراً بيد السياسيين والمؤسسات الدينية”.
من جانبها، ذكرت أستاذة القانون الدستوري مها الواسطي، إن “المحكمة الاتحادية العليا حافظت على العديد من المكاسب للمرأة المثبتة بموجب قانون الأحوال الشخصية”.
وأضافت الواسطي، أن “المحكمة ثبتت دستورية حق المرأة في التعويض عن طلاقها التعسفي، وكذلك استيفاء مهرها المؤجل بالذهب”.
وأشارت، إلى أن “مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا له اثار سلبية غير منظورة كونه سوف يسهم في وصول فقهاء الشريعة إلى منصة القضاء، وهناك مخاوف حقيقية من إلغاء تلك الحقوق التي حصلت عليها المرأة بموجب قانون الأحوال الشخصية النافذ من قبل هؤلاء الفقهاء”.
ودعت الواسطي إلى “إيقاف مناقشة المشروع، والسعي إلى تعديل مسودته بما يتفق مع التجارب الدولية قبل المضي في إقراره”.
وشددت الواسطي، على أن “بقاء هيئة المحكمة العليا مشكلة من قضاة فقط هو السبيل الوحيد للمحافظة على حقوق المرأة وعدم ضياع ما اكتسبته طيلة السنوات الماضية”.
يشار إلى ان مجلس النواب كان قد أنهى في وقت سابق القراءة الأولى لمشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا في وقت سابق، بالتزامن مع اعتراضات شديدة أوردتها جهات حقوقية ومدنية لتخوفها من زج رجال الدين في القضاء.
في السياق، حذر النائب السابق جوزيف صليوا، امس الاربعاء، من تشريع قانون المحكمة الاتحادية، بضم رجال دين بين اعضاء المحكمة.
وقال صليوا في تصريح اطلعت عليه الصباح الجديد، إن “برلمان الدورة السابقة، وقف بالضد من ضم فقهاء شريعة ودين، ضمن اعضاء المحكمة الاتحادية، لكن للأسف الشديد في الدورة البرلمانية الحالية، ليس هناك شخوص يمثلون المدنية بقوة، كما كنا سابقا”، مبينا أن”هذا الاجراء له اضرار بالمكونات غير مسلمة في العراق”.
واضاف أن “هذه المساعي ما هي الا محاولات لجعل العراق، (كوبي بيست) على غرار النظام الاسلامي في ايران، وهذا ما نرفضه رفضا قاطعا”.
وتابع النائب السابق أن “تطبيق هذا النظام سيؤدي الى وضع العراقيين في سجن كبير يتحكم به رجال الدين، حسب امزجتهم”، داعيا “اعضاء مجلس النواب بالوقوف بالضد من هذا القانون بشكل صارم”.
وكانت صحيفة العرب اللندنية، قد نشرت في وقت سابق من اليوم الاربعاء (19 حزيران 2019)، تقريرا بعنوان “فقهاء في أعلى محكمة عراقية يمتلكون حق النقض لأي قرار يخالف الشريعة”.
وذكر التقرير، أن أحزاب إسلامية شيعية وسنية، لديها تمثيل في البرلمان العراقي، تدفع إلى تسمية رجال دين بصفة “فقهاء”، أعضاء أساسيين ضمن التشكيلة القضائية الرئيسية للمحكمة الاتحادية العليا، في تطور يحدث لأول مرة في العراق.
واضاف التقرير، أن هؤلاء “الفقهاء”، سيكون بإمكانهم التصويت على جميع القرارات القضائية الصادرة عن المحكمة الاتحادية بعد أن ساواهم مشروع قانون جديد مطروح على البرلمان العراقي بالقضاة في سابقة وصفت بالخطيرة، وهو ما يتيح لهم التحكم في طبيعة القرارات وحجب أو دعم أي منها، انطلاقا من دوافع دينية.
ونقلت الصحيفة عن مراقبين قولهم ان ” الصيغة التي يراد استحداثها في العراق مستوردة خصيصا من إيران، إذ يعمل بها “مجلس تشخيص مصلحة النظام” المسؤول عن تعيين المرشد الأعلى، صاحب الصلاحيات المطلقة في الحكم، تجسيدا لنظام “الولي الفقيه””