قانون الموازنة، هو القانون الأهم والأخطر من بين كل القوانين التي يتم تشريعها في مجلس النواب، كون ان الدولة لا يمكنها ان تمارس الانفاق في شتى القطاعات من دون وجود قانون يمنح ابواب الانفاق شرعية قانونية.
ونجد ان الدستور نفسه، نص في المادة 57 على عدم انتهاء فصل الانعقاد الخاص بالمجلس الا بعد الموافقة عليها. موازنة العراق، تشهد في كل عام، عجزا ماليا، بسبب التباين في الايرادات والنفقات، وان الحكومات المتعاقبة، لم تفلح في ايجاد حلول واقعية لمشكلة العجز، عدا بعض المحاولات الآنية والوقتية لسد العجز، وتلك المحاولات تتمثل في الاقتراض الخارجي من صندوق النقد الدولي وغيره من المنظمات المالية العالمية.
وموازنة العام 2019 للأسف، هي مشابهة لموازنة العام السابق وكل الأعوام الماضية، حيث ان الحكومة، عمدت الى الاقتراض من عدة جهات خارجية لسد العجز في الموازنة وتغطية النفقات التشغيلية والاستثمارية.
هذا الحل الذي يؤدي الى اضعاف الاقتصاد من جهة والى تراكم الديون سنة بعد سنة اخرى، حتى تأتي موازنة في وقت قريب، قد تذهب جميعها الى الديون وفوائده.
ونص الموازنة المنشور يشير في اكثر من موضع الى ان تمويل الفجوة المالية اي العجز يتم عن طريق القرض الياباني وقرض الصندوق السعودي للتنمية وقرض البنك الدولي وغيرها الكثير من المنظمات الدولية والاقليمية التي اصبح العراق مدينا دائما لها.
وعلى رأي احد خبراء الاقتصاد، فإن العراق سيبقى مديونا عشرات السنين لتلك المنظمات، وللأسف ان الديون في تزايد مستمر ولا حلول فعلية للحكومة لمعالجة هذه المشكلة التي لا يمكن حلها ابدا في ظل بقاء ادوات الحكومة الحالية في اقرار قانون الموازنة التي هي موازنة تقليدية، لا تعتمد أي معيار حقيقي لمعالجة مشكلة الديون الخارجية وتجاوز حل الاقتراض الخارجي لمعالجة مشكلة الفجوة المالية التي تعود اسبابها الى الاعتماد الكلي على النفط كمصدر رئيس في تمويل الموازنة، وذهاب نسبة كبيرة من الموازنة كرواتب الى شرائح ضيقة من المجتمع كرواتب ومخصصات ونثريات لا تحقق اية عوائد مالية، ولا تترك اي اثر على الاقتصاد. كما ان اهمال بقية الثروات كالغاز الذي يحترق مع النفط من دون الاستفادة منه.
الحكومات المتعاقبة، برغم يقينها ان الموازنة من دون النفط، لا معنى لها ولا وجود اصلا، لكنها لم تقم بأي جهد او محاولة لتطوير الصناعة النفطية، حيث ان العراق مازال يستورد الغاز والكهرباء والمنتوجات النفطية من دول الجوار، وينفق ملايين الدولارات على تلك المنتجات، في حين انه بالإمكان الاعتماد على الصناعة المحلية بدلا من ذهاب نسبة كبيرة من الموازنة لاستيراد منتجات بالإمكان انتاجها في البلد.
كما ان تضييق الخناق على القطاع الخاص عبر سن قوانين تؤدي الى الروتين الحكومي والتعارض بين القوانين اسهم في منع تدفق السيولة النقدية الى السوق، ومنع توفير فرص عمل وتنشيط حركة البناء والعمل، حيث ان قانون الاستثمار والقوانين ذات الصلة معه، والتي مضى على سن بعضها عدة عقود، تمنع المستثمرين من اقامة مشاريع الاستثمار التي يمكنها اسناد الموازنة بالمبالغ التي يدفعها المستثمرون والارباح التي تجنيها تلك المشاريع التي نص القانون على وجود نسبة للدولة فيها. ان بقاء الآليات التي تشرع فيها الموازنة على حالها، سيؤدي بعد سنين قلائل الى ذهاب موازنة العراق كلها الى تسديد الديون الخارجية فقط.
سلام مكي
القرض الخارجي.. رصاصة في جسد الموازنة
التعليقات مغلقة