حذام يوسف
” الشجرة بالنسبة لي هي أنا، هي الإنسان وهي العائلة هي الوطن والبيت والقيم وهي الحبيبة وهي الملاذ، وهي التي تساقط رطبا جنيا لنا، وهي الشاهد وهي المقتول بحزن الفصول … أليس لكل شيء في الحياة شجرته، أقصد جذرا وساقا وفروعا …؟ ولذا كانت الشجرة وبدون وعي مني تتألق في قصائدي تتوهج معي لتعلن عن وجودها في قصائدي “.
هذا ما اكده الشاعر سعد ياسين يوسف وهو يلقي قصائده من مجموعته الشعرية الجديد (أشجار لاهثة في العراء)، حيث أحتفى به نادي السرد السبت الماضي، على قاعة الجواهري في أتحاد الأدباء والكتاب العراقيين.
أدار الجلسة الناقد د. علي حداد قائلا:” هناك شعراء يحاولون أن يؤسسوا لتجربتهم على طراز خاص، والشاعر سعد ياسين أحاطته الأشجار لتكون منطلق تجربته، ولذا تواترت دواوينه على هذا الأطار، لتصبح مضمونا جماليا يشتغل عليه، والأشجار تمتلك السمو والعلو والتأويل لتغني قصائده فعلا جماليا رافقت كل دواوينه السابقة”.
ليترك الحديث للضيف المحتفى به فيقول:” ترتبط بناء شخصيتي الشعرية بروافد متعددة، الأول والدي أذ كان شاعرا والأخر المدرسة من خلال مهرجانات الشعر والخطابة، وأصغائي للقرآن الكريم وصوره القدسية وأنا بعمر يافع ، وكذلك تأثير مدينة العمارة على تكويني الشعري ، فهي تعني حسب الشيخ جعفر ورعد زامل وجمعة اللامي” .
ليقرأ بعد ذلك مجموعة من قصائده منها ” اللا هو، مكابدات خيون ”
تخللت الجلسة عدد من الأوراق النقدية بدأتها د. سهيرأبو جلود قائلة:” الشاعر سعد ياسين يوسف شاعر الأشجار المقدسة، وانطلق من هذا اللقب لأتساءل هل من مصلحة الشاعر ان تطغى عليه سمة ما في أشعاره؟ ان يعرف برمز يشار إليه من خلاله دائما؟ في تقديري لا، في معظم الدراسات النقدية عن مجموعات الشاعر لم تخرج عن دراسة الإشارات اللغوية والدلالات و الصور الجمالية لكن ما نريده في هذه الورقة ان اصل الى مرتكز أساسي في شعر سعد ياسين لان هناك الكثير من الدلالات الرمزية التي تضطر المتلقي ان يكون في حالة ارتباك وهو يوازن بين تبادل الاشكال المعرفية والنقدية، الرمز له وجود حقيقي فهو يرمز إلى فكرة ويستمد وجوده من المجتمع الذي يضفي معنى خاصا إليه، الأشجار عند يعد ياسين كانت افقا دلاليا تنوّع ليشمل مراحل حياة الإنسان، والشاعر نفسه نوّع في استخدامه سبل الانتقال من الجزء الى الكل والعكس، الأمر الذي جدد فيه من الصورة التقليدية المعروفة الشجرة وهي تتعرى من أوراقها لتكتسي حلة جديدة، هذه الصورة يسعى الشاعر الحق الى التخلص منها او تلوينها داخل الحقل الوصفي”.
الناقد أحمد فاضل شارك أيضا في هذه الجلسة :” الشاعر سعد صوت شعري يحمل مفردة نابضة بالحياة، لا تصعب أمام قارئها لاستكشاف معانيها، فثيمة الشجرة التي بنى الشاعر عليها أكثر نصوصه عليها، هي رمز العطاء ورمز الزينة، مانحا حروفه من خلالها لونا أخضر زاهيا، لكنه هنا في مجموعته يجلس الى الأشجار محاورا، باثا لواعج عواطفه، باحثا عن سر رفيفها وهي تركض في عراء الأسئلة “، اما الناقد يوسف جويعد فقال:” من خلال متابعتنا للشاعر سعد ياسين نرى أن شجرته التي بدأها مع أطلالته الأولى صارت غابة من الأشجار، وكبرت حتى صارت عالم من الشعر، ولكن لا أحد يجيده سواه، لها لون وطعم ورائحة تفيض بالعذوبة والشعر، وتنقل لنا كل الحالات الذاتية والموضوعية والإنسانية والكونية، فتشكل لنا هذا المبنى الشعري الرائع” .
اما الناقد فاضل ثامر فتحدث عن توظيف الشاعر سعد لرمز الشجرة الذي ظل مصدر فعل لتأويلات متعددة، وهي تنتمي الى فضاء الطبيعة، لكنه أنسنها، وهي تتحول الى أناء، ويمكن القول ( والكلام مازال للناقد فاضل ثامر) أنها تمثل معادلة ثنائية بما فيها من براءة وأستلاب وقسوة وحضارة، وهي كذلك تنتمي الى قطب الطبيعة، وكل عناصر هذا الرونق للحياة .
كما شارك الناقد علي الفواز بكلمة: ” اذا جاز لنا الحديث عن تجربة شاعر ما ، فلابد أن نتحدث عن واقع هذا الشاعر، وهنا حاول الشاعر سعد ياسين أن يعيد الجانب التنفيذي لهذه الشجرة بوصفها أكثر تعبيرا عن الإنسانية، وأشار الفواز الى الاشتباك الإنساني الذي تمثل في لوحة الغلاف باعتباره بوابة الدخول لفضاءات قصائد الديوان “.
ومسك الختام توقيع المحتفى به لديوانه (أشجار لاهثة في العراء )، ليقدم له الناقد فاضل ثامر لوح الجواهري .