بغداد – زينب الحسني:
حمل المختص بالشأن التراثي عادل العزاوي، وزارة الصناعة مسؤولية اهمال سوق «الصفافير» التاريخي في العاصمة بغداد.
وقال العزاوي: ان «سوق «الصفافير» يمثل جزء ذكريات وبعض تاريخ العراق وعبق الماضي، وعلى الدولة ان تلتفت الى أهمية الاثار والسياحة وتعمل على فصلهما، كون هوية العراق وتاريخه من خلال الآثار».
وأضاف ان «الصناعات المستوردة أثرت بنحو كبير على الصناعات اليدوية المحلية، وسوق الصفافير منها».
وتابع العزاوي «لم يبق من سوق الصفافير سوى الاسم، ففي سنة 1990 كان هناك بحدود 150 حرفياً وجميعهم يشتغلون الصناعات النحاسية واليوم لم يبق سوى 8 منهم».
وعزا أسباب ذلك، الى «عدم الاقبال على الشراء وتوقف مديرية التنمية الصناعية في وزارة الصناعة من تزويد الحرفيين بطبقات النحاس المدعومة، إضافة الى دخول التقنية العالمية الى الأسواق وتوقف الأكروبات السياحية والعالمية التي كانت تجوب سابقاً هذه الأسواق».
وسوق الصفافير أو الصفارين وهو سوق ترجع تسميته بهذا الأسم نسبة للصفر (معدن النحاس)، اذ يشتهر هذا السوق بصناعة الصحون والأواني المنزلية وأباريق الشاي والكاسات والملاعق، وإطارات الصور، والفوانيس النحاسية والنقش عليها.
وسوق الصفافير هو واحد من دروب محلة بغدادية في عصر الدولة العباسية، تسمى محلة سوق الثلاثاء، وهذه المحلة كانت قريبة من دار الخلافة العباسية، وتحيط بدار الخلافة معاهد ومدارس إسلامية، مما يستبعد إن يكون أهل هذه المهنة قد شغلوه في ذلك العصر، بما يعرف عنهم من ضجيج ناتج عن الطرق على معدن النحاس، وغير ذلك.
ويعرف السوق بسوق مسعود، أو درب المسعودة، كما وصفهُ المؤرخ ابن عبد الحق بأنه درب نافذ إلى مقر المدرسة النظامية، والتي كانت تقع إلى جنوبهِ، وتتصل بهِ دروب وطرق غير نافذة، وهذا الوصف ينطبق على هيئة سوق الصفافير.
ويحتوي سوق الصفافير على مسجد أثري قديم، يسمى مسجد الصفارين، وهو من مساجد بغداد التراثية، وتبلغ مساحتهُ 250م2 تقريباً، ويحتوي على حرم مصلى صغير يتسع لأكثر من 40 مصلياً، ولقد بني هذا المسجد من قبل أحد المحسنين في زمن الدولة العثمانية، وتحديداً في منتصف القرن الثامن عشر.
من جانبهِم أوضح الصفارون في السوق ان «سوق الصفافير قديمة جداً وكانت موجودة منذ نحو100 سنة».
ومن مجموع أكثر من 200 محل وحرفي، لم يبق في السوق الآن سوى 15 محلاً وحرفيين على عدد أصابع اليد فقط.
ويقول الحرفيون في السوق أنّ «عدم نقل المهارة أو توريثها إلى الأجيال، كما كان عليه الأمر في السابق، يؤدي إلى انقراضها وهلاك مهنة الصفارين وسوقهِم»، فضلاً عن دخول المنتج الصيني الذي يكون أقل ثمنا من المنتج المحلي المصنع يدوياً.
وأنّ لغياب الرقابة دور بارز في تراجع المهنة، لأن سوق الصفافير يحتاج إلى الكثير من الدقة والصبر والتأني والذوق، وهذه من مميزات السوق،» وجود الحرفيين بهذه المواصفات والذين ورثوا المهنة أبًا عن جد، وتوارثوا أيضًا البراعة في الطَّرْقِ على النحاس»، وهذا ما لا تحتاجه الأسواق الأخرى التي تشهد بين فترة وفترة أخرى ظهور باعة جدد ليسوا بحاجة إلى الخيال والابتكار والدقة.