رحيل البرنس الفرنسي
متابعة الصباح الجديد:
عن عمر ناهز 92 عامًا، في 19 سبتمبر (أيلول) 2018، فارق جميل راتب الحياة. الممثل الذي تحتاج إلى مراجعة سيرته الذاتية قبل أن تتأكد من أنه كان مصريًا، وليس كما تتناقل عنه الشائعات بكونه فرنسيًا، أو ولد لأم فرنسية.
جميل أبو بكر راتب، ولد بالقاهرة لأسرة مصرية أرستقراطية، وكانت عمته المناضلة المصرية البارزة في حقوق المرأة هدى شعراوي.
حصل على التوجيهية أو الثانوية، ثم التحق بدراسة الحقوق، شغفه الكبير بالتمثيل جعل أسرته تقدم له على منحة لدراسة القانون في فرنسا لتقنعه بالعدول عن التفكير في مزاولة التمثيل؛ نظرًا لوضعها الاجتماعي الذي يرفض وجود ابن «مشخصاتي»، إلا أن سفره لدراسة القانون في فرنسا لم يكن عائقًا أمام البحث عن فرصة لتعلم التمثيل في أحد معاهد التمثيل بفرنسا؛ وهو ما تسبب في قطع أسرته مصاريف المنحة عنه.
يقول جميل راتب في أحد حواراته: إنه لم يكن يشعر بالانسجام بين أسرته الأرستقراطية لبعدها عن الناس، واهتمامها بأمور «تافهة» على حد تعبيره، وكان يختلف معهم في الكثير من وجهات النظر وطرق الحياة، ومنها موقفهم من ثورة يوليو (تموز)، وجمال عبد الناصر، الذي طبق نظام التأميم الزراعي في مصر؛ فظل مكروهًا من عائلته، ولكنه يرى فعل عبد الناصر طبيعيًا ولخدمة الناس.
عمل في فرنسا مترجمًا ونادلًا في المطاعم وحمّالًا للبضائع في سوق الخضار؛ لتغطية مصاريفه اليومية؛ وهو ما أكسبه العديد من الخبرات والفهم لحياة الناس الحقيقية.
أدوار الشر تليق به
ملامح الوجه ونظرة العينين كانتا السبب الرئيس في تأهيله لأدوار الشر في أغلب أعماله، سواء في فرنسا أو مصر، إلا أنه حينما وجد الفرصة المناسبة والقدرة على الاختيار الحقيقي قرر الابتعاد عن هذه الأدوار، وزيادة مساحة التنوع في أعماله؛ فتميز أيضًا في الأعمال الاجتماعية، وأدوار الأب، والزوج، والمُعلم.
كما أنه استطاع أن يكتسب محبة الجمهور في بعض الأدوار الكوميدية المعتمدة على كوميديا الموقف، مثل دوره في مسلسل «الزوجة أول من يعلم»، و«سنبل بعد المليون»، و«زغلول يلمظ شقوب».
كان أشد ما يلفت الانتباه في رحلة راتب هو قدرته على تجسيد بعض الأدوار المختلفة تمامًا عن ملامحه الأرستقراطية التي جعلت المخرجين في البداية يحصرونه في القيام بدور «البرنس»، أو رجل الأعمال الغني، أو الباشا.
وإذا ذُكرت قدرة راتب على الخروج من العباءة التقليدية التي حصره فيها المخرجون لفترة طويلة، لا بد أن يذكر دوره في فيلم «الكيف»؛ إذ قام جميل بأداء واحد من أشهر أدواره وأكثرها لفتًا لانتباه الجمهور العربي: «البهظ»؛ دور تاجر المخدرات الشعبي الذي يرتدي العباءة والشال، ويتحدث بطريقة استطاع جميل راتب أن يجعلها مميزة.
في السينما التونسية
والمغربية أيضًا له حضور
ولنفس اهتمامه بالحفاظ على تواجده على الساحة الفرنسية والمصرية، سعى جميل راتب للمزيد من التنوع والانتشار؛ فشارك في ثلاثة أفلام تونسية وهي: «كش ملك»، وهو الفيلم الذي تشاركه البطولة الفنانة المصرية شيريهان، وفيلم «صيف حلق الوادي»، وفيلم «شيشخان» الذي يعد المفضل بينها، كما أنه شارك في الفيلم المغربي «Hier»، والذي من المفترض أن يتم عرضه خلال 2018 فقط في الدول المشاركة، وهي: المغرب، وألمانيا، والمجر.
زوجة واحدة لبعض العمر
والتمثيل للعمر كله
تزوج جميل راتب من فتاة واحدة في بداية حياته الفنية في فرنسا؛ فتاة فرنسية كانت تعمل ممثلة، ثم قررت الاعتزال لتعمل بالإنتاج.
يتحدث عنها جميل راتب في الحوار معه : بأنها كانت مظلومة في علاقتها به؛ إذ إنها كانت تعلم أنها في المرتبة الثانية في قلبه بعد حبه الكبير للفن والتمثيل، وعندما أبدت رغبتها في الإنجاب كان خياره أنه لن يستطيع تحقيق الأبوة التي يتمناها ما دام هو يعمل ممثلًا؛ ولذا فعليه أن يترك العمل بالتمثيل، ولكن زوجته قالت له إنه لن يستطيع ترك التمثيل، ومن هنا كان خياره بأن يبقى وحيدًا حتى عن زوجته التي أحبها كثيرًا، ولكنهما انفصلا؛ فظلت هي في فرنسا، وهو في مصر، وبرغم ذلك كان يحافظ على زيارتها ورؤيتها باستمرار في قريتها بفرنسا.