جنبها في مرحلة أولى هجوماً عسكرياً لقوات النظام
تابعة ـ الصباح الجديد:
جنب الاتفاق الروسي التركي في مرحلة أولى محافظة إدلب هجوماً عسكرياً لقوات النظام، لكن محللين يشككون في قدرة أنقرة، الداعمة للفصائل المعارضة، على فرضه كأمر واقع على الجهاديين على الأرض.
بعد أسابيع من التعزيزات العسكرية إلى محيط إدلب (شمال غرب)، آخر أبرز معاقل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) والفصائل المقاتلة، وإثر مفاوضات مكثفة، توصلت روسيا وتركيا قبل أسبوع إلى اتفاق يقضي بإنشاء منطقة منزوعة السلاح على خطوط التماس في إدلب.
وكونها صاحبة النفوذ الأكبر كقوة دولية في إدلب، يحمل الاتفاق تركيا المسؤولية الأكبر لتنفيذه، من تسليم المقاتلين المعارضين لسلاحهم الثقيل وصولاً إلى ضمان انسحاب الجهاديين تماماً من المنطقة العازلة بحلول 15 تشرين الأول/اكتوبر.
لكن المهمة تبدو صعبة على تركيا، التي سعت مراراً خلال المرحلة الماضية لإيجاد حل لهيئة تحرير الشام المصنفة «إرهابية» من قبل المجتمع الدولي، والتي تتخذ منها موسكو ودمشق الحجة الأكبر للهجوم على إدلب.
ويقول الخبير في الشأن السوري فابريس بالانش لوكالة فرانس برس «لا أرى كيف ستتمكن تركيا من فرض إرادتها على الجهاديين ، سيكون تنفيذ الاتفاق أمرا فائق الصعوبة».
ويذهب بالانش أبعد من ذلك، إذ يُرجح أن ينتهي الأمر بـ»فشل وقف إطلاق النار وبهجوم للجيش السوري خلال الأشهر المقبلة».
وتسيطر هيئة تحرير الشام ومجموعات جهادية أخرى أقل نفوذاً منها على نحو 70 في المئة من المنطقة المشمولة باتفاق نزع السلاح، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
لم يصدر حتى الآن أي موقف رسمي من الهيئة، لكنها تعمل، وفق المرصد، على تحصين بعض مواقعها في المنطقة العازلة.
كما أن وكالة «إباء» الإخبارية التابعة له وفي معرض تغطيتها للاتفاق انتقدت تركيا، واعتبرت أنها «تسعى لتحقيق مصالحها ، وإظهار نفسها المخلص الوحيد للأهالي».
وفي تصريحات الشهر الماضي، قال القائد العام للهيئة أبو محمد الجولاني إن سلاح الفصائل «خط أحمر لا يقبل المساومة أبداً ولن يوضع يوماً ما على طاولة المفاوضات».
«موقف ضعيف»
ويقول بالانش «إذا تخلت هيئة تحرير الشام عن خطوطها الدفاعية، ستجد نفسها في موقف ضعيف جداً إذ أن لا أحد سيحميها في مواجهة أي هجوم لقوات النظام».
وتسيطر هيئة تحرير الشام على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، بينما تتواجد فصائل إسلامية ينضوي معظمها في إطار «الجبهة الوطنية للتحرير» وبينها حركة أحرار الشام، في بقية المناطق. وتنتشر قوات النظام في الريف الجنوبي الشرقي.
ولا يقتصر الأمر على هيئة تحرير الشام برأي بالانش، إذ أن تركيا قد تواجه أيضاً صعوبة في إقناع الفصائل المعارضة بتسليم سلاحها الثقيل في المنطقة العازلة بحلول العاشر من تشرين الأول.
ويقول إن المقاتلين المحليين في منطقة سيطرة الفصائل في شمال حماة «غير مستعدين حالياً لتسليم سلاحهم الثقيل».
ورحبت الجبهة الوطنية للتحرير، تحالف فصائل معارضة مدعومة من تركيا، بحذر بالاتفاق، إذ أشادت بـ»انتصار» الجهود التركية لكنها أعربت في الوقت ذاته عن عدم ثقتها بالجانب الروسي، مؤكدة عدم نيتها التخلي عن السلاح.
لكن المهمة الأصعب تبقى في فرض الاتفاق على هيئة تحرير الشام والجهاديين الآخرين.
وينشط في إدلب أيضاً، بما يشمل المنطقة المنزوعة السلاح، تنظيم حراس الدين المرتبط بتنظيم القاعدة فضلاً عن الحزب الإسلامي التركستاني، مجموعة جهاديين أويغور مقربين من هيئة تحرير الشام.
ويقول الخبير في مؤسسة «سنتشري فاونديشن» الأميركية آرون لوند لفرانس برس إن تركيا تواجه مهمة صعبة في محاولاتها «تفكيك او تدمير أو إزاحة بعض الفصائل الأكثر قوة وتشدداً في إدلب في الأسابيع المقبلة».
ويضيف «أتوقع أن تستخدم أنقرة كافة الوسائل الممكنة لإقناع هيئة تحرير الشام بحل نفسها أو الانقسام أو تغيير اسمها ، أو أي شيء آخر ممكن أن ينجح».
وفي سبيل ذلك، قد تجد تركيا نفسها بحاجة إلى التوجه إلى مسؤولين في الهيئة أو مجموعات قريبة منها.
تركيا في «ورطة»
ويوضح لوند «لدى الأتراك نفوذ على البعض في هيئة تحرير الشام كما على بعض الحلفاء المهمين لها مثل الأويغور»، مشيراً إلى من المحتمل أن تعمل أنقرة على إبعاد المجموعات المتعاطفة مع الهيئة عنها في سبيل إضعافها.
وقد يصل الأمر بأنقرة، وفق قوله، إلى «محاولة تقديم بدائل عبر إبعاد من هم لا يمكن التوصل الى تسويات معهم عن سوريا»، لكن هذا الأمر يبدو أيضاً معقداً كون «لا أحد يريد هؤلاء في بلاده».
وإلى جانب نقاط المراقبة التابعة لها، أبدت أنقرة استعدادها لإرسال «المزيد من التعزيزات العسكرية» الى إدلب تنفيذاً للاتفاق.
ويرى الباحث في المعهد الأميركي للأمن نيكولاس هيراس أنه برغم نجاح تركيا في تفادي هجوم قد يتسبب بموجات جديدة من اللاجئين إليها إلا أنها «لا تزال في ورطة، فروسيا حملتها عبء استئصال القاعدة ومجموعات متشددة أخرى».