إثر إعلان ترامب مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم
متابعة ـ الصباح الجديد:
في مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واشنطن من المخاطرة بعلاقاتها مع أنقرة، مشيرا إلى أن ذلك قد يدفع بلاده إلى البحث عن «أصدقاء وحلفاء جدد». وفي وقت سابق، ندد أردوغان «بحرب اقتصادية» ضد بلاده بعد تهاوي العملة الوطنية الليرة أمام الدولار وتراجعها بالأمس بنسبة 16 بالمئة إثر إعلان الرئيس الأميركي مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات واشنطن من الصلب والألمنيوم التركيين.
حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في افتتاحية نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية امس السبت، من أن شراكة الولايات المتحدة مع تركيا قد تكون في خطر مؤكدا أن بلاده قد تبدأ بالبحث عن حلفاء جدد.
وبلغت العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي أدنى مستوى لها منذ عقود على خلفية عدة مسائل بينها اعتقال أنقرة للقس الأمريكي آندرو برانسون إثر تهم تتعلق بالإرهاب.
وفي مقاله في «نيويورك تايمز»، قال أردوغان إن «محاولة إجبار حكومتي على التدخل في العملية القضائية هو أمر لا يتوافق مع دستورنا وقيمنا الديمقراطية المشتركة».
هذا وندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «بحرب اقتصادية» ضد بلاده بعد تهاوي العملة الوطنية الليرة أمام الدولار وتراجعها 13,7 بالمئة من قيمتها إثر إعلان الرئيس الأميركي ترامب مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات بلاده من الصلب والألمنيوم التركيين إلى 50 و20 بالمئة.
وقال أردوغان «لن نخسر في هذه الحرب الاقتصادية» داعيا مواطنيه إلى «الكفاح الوطني». يذكر أن العلاقات بين أنقرة وواشنطن تشهد توترا على خلفية قضية القس برانسون.
هذا وسجلت الليرة التركية امس الاول الجمعة تراجعا حادا تغذيه الأزمة بين أنقرة وواشنطن على الرغم من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد أن بلاده ستخرج منتصرة من هذه «الحرب الاقتصادية»، داعيا مواطنيه إلى تحويل ما يملكونه من عملات أجنبية لدعم الليرة.
وفي سياق تشديد الضغط على أنقرة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم المستوردين من تركيا إلى 50 % و20 % تباعا.
والليرة التركية التي خسرت نصف قيمتها تقريبا مقابل الدولار منذ مطلع العام، واصلت مسارها الانحداري متراجعة إلى مستويات قياسية. فيما تم التداول بالليرة التركية امس الاول الجمعة عند إغلاق جلسة التداولات في وول ستريت بسعر 6,43 ليرة للدولار، متراجعة بذلك 13,7%، بعدما كانت خسائرها وصلت خلال جلسة التداولات إلى 24% إثر إعلان ترامب.
ودعا أردوغان الذي يواجه إحدى أصعب التحديات الاقتصادية منذ وصوله إلى السلطة في 2003، الأتراك إلى «الكفاح الوطني»، قائلا «إن كان لديكم أموال بالدولار أو اليورو أو ذهب تدخرونه، اذهبوا إلى المصارف لتحويلها إلى الليرة التركية»، في كلمة ألقاها في بايبورت (شمال شرق) ونقلتها شبكة «تي آر تي» التلفزيونية الرسمية. وقال أردوغان قبلها «لن نخسر في هذه الحرب الاقتصادية».
*كلمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
لكن هذه التصريحات لم تفعل سوى أن زادت من الضغوط على الليرة فيما تأثرت الأسواق المالية بالأزمة فانخفضت أسهم عدة بنوك أوروبية في حين فتحت بورصة وول ستريت على انخفاض، وهو ما يؤشر إلى الخشية من عدوى عالمية. ورأى المحلل لدى «إكس تي بي» ديفيد تشيثام في مذكرة أن تراجع الليرة التركية امس الاول الجمعة «يظهر أن المستثمرين متخوفون بشكل متزايد من أزمة نقدية شاملة وشيكة».
ولدى إعلانه على تويتر رفع التعرفة على واردات الصلب والألمنيوم من تركيا ذكر ترامب بأن «علاقاتنا مع تركيا ليست جيدة في الوقت الحالي». وكما ولو أن في الأمر دلالة ما، أعلنت الرئاسة التركية بعيد هذه التغريدة أن أردوغان تحادث هاتفيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين وأنهما تباحثا بشكل خاص في الوضع في سوريا والمبادلات التجارية.
وتعاني العملة الوطنية التي فقدت قرابة نصف قيمتها مقابل الدولار واليورو منذ مطلع العام، من الأزمة الدبلوماسية الخطيرة بين أنقرة وواشنطن، وريبة الأسواق المتزايدة حيال فريق أردوغان الاقتصادي.
وكانت الليرة التركية قد تراجعت الخميس الماضي بأكثر من 5% مقابل العملة الأميركية غداة مفاوضات غير مثمرة بين دبلوماسيين أميركيين وأتراك رفيعي المستوى سعيا لتسوية الخلافات بين البلدين اللذين فرضا الأسبوع الماضي عقوبات متبادلة على مسؤولين حكوميين.
وجراء هذا الخلاف الدبلوماسي الأميركي التركي، تتخوف الأسواق من المنحى الذي ستتخذه سياسة أردوغان الاقتصادية، في وقت يتحفظ البنك المركزي التركي على رفع معدلات فائدته للحد من تضخم بلغ معدله السنوي حوالى 16% في تموز.
«لوبي معدلات الفائدة»
وفي مواجهة هذا الوضع، أشار أردوغان امس الاول الجمعة بالاتهام إلى «لوبي معدلات الفائدة» من غير أن يحدد ملامح هذه الجهة الغامضة. وكان قد أعلن في خطاب سابق امس الاول الجمعة «إذا كان لديهم دولارات فلدينا شعبنا ولدينا حقنا ولدينا الله»، ما عزز مخاوف الأسواق.
وتخطى القلق الجمعة حدود تركيا مع نشر صحيفة «فاينانشال تايمز» مقالة ذكرت فيها أن البنك المركزي الأوروبي يخشى من احتمال انتشار عدوى هذه الأزمة النقدية إلى بعض المصارف الأوروبية الحاضرة بقوة في تركيا.
وانعكست أزمة الليرة التركية على أسهم مصارف أوروبية كبرى منها «دويتشه بنك» و»كومرتز بنك» الألمانيان و»يونيكريديت» و»إينتيسا سانباولو» الإيطاليان مرورا بـ»سانتاندير» الإسباني، فسجلت تراجعا في تداولات قبل ظهر الجمعة.
وقال مايكل هيوسون المحلل لدى «سي إم سي ماركتس» إن «المستثمرين كانوا يعتبرون الأزمة النقدية في تركيا مشكلة محلية. لكن يبدو أن سرعة تدهور (الليرة) تعزز المخاوف من احتمال انكشاف مصارف أوروبية على النظام المصرفي التركي».
*أزمة ثقة
حرصا منه على توجيه إشارات إيجابية إلى الأسواق، شدد وزير المال الجديد براءة البيرق، وهو صهر أردوغان، على «أهمية استقلالية البنك المركزي» التركي. وسعى البيرق عبثا منذ تعيينه في هذا المنصب بعد إعادة انتخاب أردوغان في حزيران ، لطمأنة الأسواق التي تنظر بقلق إلى هيمنة الرئيس بشكل متزايد على الشؤون الاقتصادية وتتخوف من مواقفه البعيدة عن النهج التقليدي.
وأردوغان الذي بات يمسك بكامل الصلاحيات التنفيذية بموجب تعديل دستوري مثير للجدل مكنه أيضا من تعيين حاكم البنك المركزي، يعلن صراحة معارضته لرفع معدلات الفائدة من أجل ضبط التضخم.