خلال اكثر من ثلاثة عشر عاما توضحت بشكل ادق نقاط القوة والضعف في الدستور العراقي وافرزت ملفات كثيرة جرى التوافق عليها او ماتزال محط خلاف بين الاطراف السياسية الكثير من الدروس التي يمكن الاخذ بها من اجل تقديم الافكار والمقترحات بشأنها ولربما تأخرت كثيرا الاستحقاقات باصلاح الدستور بفعل اجتهادات ورؤى فرضت حضورها في اجتماعات الكتل السياسية خلال اكثر من حكومة تولت ادارة مقاليد الامور في البلاد وفي التسلسل التاريخي فان لجنة صياغة الدستور التي تم تشكيلها عام 2005 وترأسها الشيخ همام حمودي قد انيطت بها انهاء جميع المتعلقات الخاصة بحسم الخلافات في الامور الخلافية التي وردت في نصوص الدستور العراقي والتي تحولت فيما بعد الى لجنة التعديلات الدستورية وكان من المفروض ان تحسم هذه اللجنة عملها خلال شهور الا ان الخلافات السياسية والاوضاع الامنية في العراق تسببت بتراجع الاهتمام بهذا الاستحقاق السياسي واسهمت هذه الخلافات على مدى السنوات المنصرمة في توليد ضغط كبير امام ايجاد الحلول للكثير من الملفات وبالنتيجة تأكد للجميع ان نقطة الشروع في ملف الاصلاح تكمن في اصلاح النظام السياسي اولا الذي تلتف حوله مجموعة من الاخفاقات في المجالات السياسية والامنية والاقتصادية لايمكن تفكيكها من دون تعديل بعض فقرات الدستور ويصح القول ايضا ان التظاهرات والاحتجاجات الواسعة التي يشهدها العراق خاصة في مناطق الوسط والجنوب هي ترجمة حقيقية للتراجع المريع في ملف الخدمات والفشل العميق في ادارة المشاريع الاستثمارية والتداخل الكبير في الصلاحيات بين الحكومة الاتحادية والمجالس المحلية وتكريس الهيمنة الحزبية في عمل وادارة هذه المجالس وتدخلها المباشر في ملفات التنفيذ لعشرات المشاريع والتهاون الكبير في منع منظومات الفساد التي تنامت واتسع حضورها في اعمال الادارات المحلية ونسجها شبكة من العلاقات الواسعة مع المسؤولين المتنفذين وانعكاس ذلك على تدني مستوى الخدمات وشيوع الغش وغياب الجودة وتفاقم ظاهرة المشاريع الوهمية وخسارة الدولة لمليارات الدولارات واهدار الطاقات والجهود في مشاريع فاشلة كل ذلك كان يمكن تداركه بتعديل فقرات مهمة من الدستور تصون وتحمي اموال الدولة وتسد منافذ الفساد وترتقي الى طموحات الشعب العراقي في تطوير مرافق الحياة والمؤسسات داخل المدن والاقضية والنواحي حتى لو تطلب الامر اتخاذ قرارات حاسمة ومصيرية تستهدف الغاء حلقات او كيانات او تنظيمات مؤسساتية نص عليها الدستور اثبتت التجارب والاحداث عدم جدوى وجودها واستنزافها لميزانية الدولة من دون اية فائدة متحققة يلمسها المواطنون في الشمال والوسط والجنوب .
د. علي شمخي
عقدة الإصلاح !
التعليقات مغلقة