وسط عاصفة انتقادات أميركية لقمّة هلسنكي
متابعة ـ الصباح الجديد:
اختُتمت القمّة التاريخية التي جمعت للمرة الأولى بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي أمس الأول الاثنين، بإشادات متبادلة بنجاحها، على رغم إقرارهما بمشكلات كثيرة «سنعمل على حلها». وفيما شددا على الحفاظ على أمن إسرائيل، وضرورة التعاون في مجال الطاقة، قال ترامب إن الحوار مع روسيا يفتح الطريق نحو الصداقة والسلام في العالم، مشدداً على ضرورة الضغط على إيران، في حين أكد بوتين الاتفاق على إعادة الوضع في الجولان إلى ما قبل الأزمة السورية، واستبقى «كرة» سورية في ملعبه بتمريرة أميركية، لكنه ألقى بكرة المونديال في ملعب ترامب.
وفي مستهل مؤتمر صحافي مطوّل للرئيسين، وصف ترامب المحادثات بـ «المثمرة»، وأسفرت عن تجاوز مرحلة حرجة في العلاقات بين البلدين. وأضاف: «إذا أردنا أن نحل الكثير من المشكلات التي تواجه عالمنا، فسوف يتعين علينا إيجاد سبل للتعاون».
وقال إنه بحث مجموعة كبيرة من القضايا الحساسة للبلدين، ومنها الحرب في سوريا، وقضية إيران، والإرهاب العالمي، والحد من الأسلحة النووية، وقضية التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأميركية، وقال: «اتخذنا الخطوات الأولى صوب مستقبل أكثر إشراقاً، يقوم على التعاون والسلام… ورفض الحوار لن يحقق شيئأ». ووصف بوتين القمّة بـ «الناجحة والمثمرة»، في حين وصف وزير خارجيته سيرغي لافروف القمّة بأنها «أكثر من ممتازة».
وعن ملفات الشرق الأوسط، قال ترامب إن الولايات المتحدة وروسيا ستعملان معاً لضمان أمن إسرائيل: «تحدث كلانا مع بيبي (رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو)»، مشيراً إلى أنهما يريدان القيام بأمور معينة مع سوريا تتعلق بسلامة إسرائيل. وزاد: «توفير الأمن لإسرائيل شيء يود بوتين وأنا أن نراه بشكل كبير جداً».
وتابع أنهما يريدان أيضاً مساعدة الشعب السوري على أساس إنساني، مضيفاً: «جيشانا (الأميركي والروسي) متوافقان بشكل أفضل من زعمائنا السياسيين منذ سنوات. ونتوافق أيضاً في سوريا». وقال بوتين إن ترامب قضى وقتاً طويلاً يتحدث عن إسرائيل خلال محادثاتهما، مضيفاً أن الظروف متوافرة لقيام تعاون فاعل في شأن سوريا.
وشدد ترامب على أهمية الضغط على إيران، وهي من حلفاء روسيا، في حين قال بوتين إنه يدرك معارضة الولايات المتحدة للاتفاق النووي الدولي المبرم مع إيران، الذي تؤيده روسيا.
وفي ختام القمّة، اقترح بوتين على ترامب العمل معاً لتنظيم أسواق النفط والغاز لأن «الانخفاض الحاد في الأسعار لا يخدم مصالحنا». وفي مسعى إلى طمأنة المخاوف من أن يهدد خط أنابيب غاز «نورد ستريم 2» (عبر البلطيق وألمانيا)، إمداد الغاز لأوكرانيا، حليفة الولايات المتحدة، أكد بوتين أن روسيا مستعدة للإبقاء على عبور الغاز الروسي في أوكرانيا بعد تشييد خط أنابيب غاز «نورد ستريم 2» لنقل هذا الخام إلى أوروبا.
وعلّق بوتين مازحاً على تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بأن «كرة التسوية» في سوريا تبقى في ملعب روسيا، قائلاً: «في ما يتعلق بكون كرة سوريا في ملعبنا، قال السيد الرئيس (الأميركي) إننا نجحنا في استضافة كأس العالم لكرة القدم. وأريد أن أقدم هذه الكرة له، فهي الآن في ملعبه»، مضيفاً أن على الولايات المتحدة استضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2026. وأخذ ترامب الكرة من يدي بوتين، وهو يبتسم وقال: «صحيح، علينا استضافة المونديال، ونأمل بأن ننجح نحن أيضاً في ذلك».
وأعرب بوتين صراحةً عن أنه كان يريد فعلاً فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية «لأنه كان يتكلم عن تطبيع للعلاقات بين البلدين».
ولم يوجه ترامب أمس الاول الاثنين أي انتقادات لبوتين على خلفية احتمال حصول تدخل روسي في الانتخابات الأميركية، ووصفها بـ «كارثة» للولايات المتحدة، مشدداً على نفي بوتين «بشدة» أي تدخل.
وتشتبه الاستخبارات الأميركية بأن بوتين وراء حملة قرصنة ودعاية للتدخل في الانتخابات الأميركية عام 2016 من أجل ترجيح فوز ترامب، لكن الأخير بدا كأنه يقف مع الجانب الروسي. وقال ترامب: «لدي ثقة كبيرة في الاستخبارات الأميركية، لكني أقول لكم إن بوتين كان شديداً وقوياً في نفيه اليوم (أمس الاول الاثنين)، وقدم عرضاً لا يصدق».
وعرض بوتين في المؤتمر الصحافي المشترك مع ترامب السماح بمجيء محققين أميركيين إلى روسيا لاستجواب 12 من عناصر الاستخبارات الروسية اتهمهم المحقق الخاص روبرت مولر الأسبوع الماضي بالتدخل في الانتخابات الأميركية.
ورد زعيم الجمهوريين في الكونغرس بول راين بالقول: «على ترامب أن يدرك أن روسيا ليست حليفتنا»، وأضاف في بيان: «لا يوجد أخلاقياً أوجه شبه بين الولايات المتحدة وروسيا، التي تبقى معادية لمثلنا وقيمنا الأساسية».