قبل أيام صدر قرار تمييزي مهم، بخصوص معالجة حالات الفقدان والآلية التي يتم بموجبها الحكم بالموت الحكمي على المفقود. ففي السابق، كان الاتجاه التمييزي، يتمثل بتطبيق الفقرة ثانيا من المادة 93 من قانون رعاية القاصرين، التي اشترطت لإعلان وفاة المفقود مرور مدة 4 سنوات على اعلان الفقد. وهذا يعني ضرورة نشر اعلان الفقد قبل اتخاذ إجراءات القيمومة في الصحف المحلية وبخلافه، فلا تسري المدة القانونية ما لم ينشر في الصحف، أي بمعنى تطبيق معنى الإعلان المشار اليه في المادة أعلاه. اما الاتجاه الجديد الذي جاء في القرار التمييزي الصادر بالعدد 19/ الهيئة العامة/ 2018 الذي جاء مختلفا عن الاتجاه التمييزي السابق، الذي اقتصر في اعلان وفاة المفقود مرور 4 سنوات، فقد أشار الى الفقرة ثالثا من المادة93، وهي التفاتة مهمة من المحكمة الموقرة التي طبقت القانون بشكل سليم، حيث ان الثابت من أوراق الدعوى ان المفقود المراد الحكم بموته، اختطف من قبل مسلحين مجهولين في منطقته ولم يتم العثور عليه لحد الان. بالتالي، فإن هذه الظروف ينطبق عليها نص الفقرة ثالثا، حيث انها ظروف يغلب معها هلاك المفقود وهذه الظروف هي سنتان وليست أربع سنوات، وهي التفاتة من المشرع، لمراعاة الحالات الإنسانية التي تخلفها تلك الظروف، ومحاولة إيجاد وضع قانوني وشرعي سليم لزوجة المفقود. والجميل في هذا القرار انه لم يلتفت الى النشر في الصحف الرسمية ولا الإشارة الى مسألة الفقد، وهي مسألة كان الاتجاه السابق للمحكمة يتشدد فيها او يعد ان عدم الإعلان في الصحف يؤدي الى عدم سريان المدة القانونية لاعلان الفقد. وبرغم ان المحكمة أصدرت حكمها بناء على الفقرة ثانيا، لكنها توصلت الى النتيجة نفسها وهي اعلان موت المفقود وهو ما أشار اليه القرار التمييزي. ان هذا القرار، يأتي ضمن جهود مجلس القضاء الأعلى في إيجاد أرضية قانونية اقل تعقيدا واكثر تسهيلا لكون الشريحة المستهدفة من هذه المواد القانونية هي شريحة تعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة، فحاولت المحكمة هنا، التقليل من معاناة هذه الشريحة، مع عدم مخالفة القانون والشرع.
سلام مكي
الفقد في ظروف يغلب معها الهلاك وموقف محكمة التمييز
التعليقات مغلقة