دأب الجسم السياسي السنىّ ، على تشتته وتفرق مصالحه ، على الاجتماع حول هدف التغيير ، وجعل منع الولاية الثالثة ، رأس حربة في هذا الامر . كان ينتظر مكونات هذا الجسم أن تبدي هي أيضا تغييراً في سلوكها وتعاطيها مع رئيس الوزراء المكلف لتسهيل مهمة تشكيل الحكومة الجديدة . فما زلنا في مرحلة مفاوضات التشكيل وإذا بالجماعة ينسحبون ، جرياً على العادة ، في حركة لا تشير الى وجود أي تغيير في السلوك . الذريعة هي المطالبة بموقف من التحالف الوطني الذي يمثل الكتلة الشيعية . ولا أدري ما علاقة التحالف بجريمة إرتكبتها مجموعة محلية ، أدانتها وتنصّلت منها الجهات التي اتهمت بها . جريمة لابد من معرفة خلفياتها ومسبباتها وهل هي رد فعل أم مبادرة بالجريمة ، وفي كلتا الحالتين فهي مدانة بشدة .
لو كان الانتماء الشيعي لتلك المجموعة الكردية المحلية المتهمة بالعملية سبباً كافياً لمطالبة التحالف الوطني بموقف ، فان هذا يعني انه ربما على التحالف في المقابل استعمال المعيار ذاته وحظر التعامل مع المجموعة السنيّة قبل إبداء موقف واضح وصريح من جرائم داعش في سبايكر وبشير ومئات الجرائم التي ارتكبتها المجموعات الارهابية المنتمية الى المذهب السني . هل يصح هذا المنطق ؟
أخشى ان تكون جريمة ديالى ، وفرت فرصة مطلوبة من جانب بعض الساحة السياسية السنيّة لعرقلة تشكيل الحكومة . يدعم هذه الخشية ، قائمة المطالب التعجيزية التي قدمتها الكتل السنيّة كشرط للمشاركة والتي يتطلب تنفيذها – ان كان ممكناً – شهوراً طويلة ، فضلا عن ان بعضها لا يدخل في صلاحيات الحكومة بل مجلس النواب حصراً . هناك بعض الفصائل السياسية المتطرفة ترغب في دفع الامور باتجاه غياب سنيّ عن الحكومة ، فيما يعمل آخر على المماطلة حتى يضيق الوقت ، ليضمن قبول مرشحين لهم قد لا يحظون بالقبول في ظل متسع من الوقت للتبديل ، بالتمام كما جرى خلال تشكيل الحكومات السابقة .
اللافت ان المجموعة الكردية تنتهج السلوك ذاته عندما تتحدث عن شروط تبدو تعجيزية للتفاوض بشأن الحكومة ، وبالتالي كأنها ، ومعها الكتلة السنية ربما تريدان إيصال رئيس الوزراء المكلف الى طريق مسدود ينتهي بإعادة ترشيح غيره في ظل حديث البعض عن ان العبادي هو من التنظيم السياسي للمالكي ذاته.
انتظار المطالب والشروط وعودة المنسحبين قد تضع رئيس الوزراء المكلف أمام خيار تشكيل حكومة تكنوقراط متنوعة الانتماءات الطائفية والقومية وترك الكتل تعمل من داخل البرلمان .
إنسحاب.. قبل الدخول!
التعليقات مغلقة