بموافقة أميركية تحت مسمى خريطة طريق
متابعة ـ الصباح الجديد :
في تطور مثّل تعزيزاً للنفوذ التركي شمال سورية، نجحت أنقرة في الحصول على موافقة واشنطن على «خريطة طريق» تضمن لها السيطرة على مدينة منبج (شمال سورية) بعد انسحاب القوات الكردية منها. تزامن ذلك مع انسحاب قوات النظام والروس من مدينة تل رفعت لتحل بدلاً منها القوات التركية.
والتقى وزير الخارجية التركي مولود تجاويش أوغلو، نظيره الأميركي مايك بومبيو في واشنطن أمس الاول الاثنين ، قبل أن يعلن الجانبان في بيان مشترك إقرارهما خريطة طريق لمنبج، والتزامهما المشترك تنفيذها.
وأوضح البيان أن الوزيرين «ناقشا أيضاً مستقبل التعاون في سورية والخطوات التي يتعين اتخاذها لضمان الاستقرار والأمن في منبج»، كما اتفقا على «عقد مزيد من الاجتماعات لحل المشاكل الحالية بينهما».
وأكد البيان أن أميركا وتركيا «العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) ما زالا ملتزمين معالجة مخاوفهما المشتركة بروح الشراكة بين الحلفاء». وكان أوغلو وصف قبل لقائه بومبيو حسم ملف منبج بـ «نقطة تحول في علاقات البلدين».
وكانت مصادر تركية كشفت الأسبوع الماضي تفاصيل «خريطة الطريق» في شأن التعاطي مع ملف منبج، وتنص على تولي عناصر من القوات المسلحة والاستخبارات التركية والأميركية مراقبة المدينة قبل صوغ آلية مراقبة مشتركة وتشكيل إدارة محلية في غضون 60 يوماً، وإنشاء مجلسيْن، محلي وعسكري، يوفران الخدمات والأمن للمدينة، وفق التوزيع العرقي للسكان.
وجاءت تصريحات أوغلو لتؤكد هذه المعلومات، إذ أشار إلى أن القوات التركية والأميركية «ستعمل على تأمين منبج في إطار خريطة طريق… وأنقرة ستنسق مع أميركا لتشكيل إدارة محلية لها». وزاد: «هناك تاريخ محدد، وهذا يتعلق بالخطوات المنفذة ميدانيّاً. نتحدث هنا عن مدة أقل من 6 أشهر»، قبل أن يلوّح بتنفيذ «خريطة طريق منبج في مناطق أخرى في سورية»، في إشارة ضمنية إلى مناطق سيطرة «قوات سورية الديموقراطية» (قسد). وأشار إلى الاتفاق على تسلُّم مقاتلات أميركية من طراز «إف -35» في 21 الشهر الجاري «كما كان مخططًا له. ليس هناك أي تغيير». وقال: «عبّرنا عن رفضنا لغة التهديد المستخدمة في الكونغرس في شأن تسليم الصفقة».
وفي أنقرة، قال الناطق باسم الحكومة التركية بكر بوزداج إن تركيا والولايات المتحدة «اتفقتا على وسيلة وجدول زمني لانسحاب المسلحين الأكراد من منبج». ورأى أن لبلاده «الحق في شن عمليات ضد المسلحين الأكراد في منطقة قنديل شمال العراق في أي وقت إذا اقتضت الحاجة»، فيما أفادت مصادر ديبلوماسية تركية بأن المحادثات تناولت كذلك تسليم الداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة.
وأكد الرئيس المشترك لمجلس سورية الديمقراطية رياض درار أن «الجانب الأميركي تعهد حماية منطقة منبج وشرق الفرات من أي تدخل خارجي واستمرار الشراكة معنا في محاربة الإرهاب».
وكشف مصادر سياسية أن الأميركيين «أخبرونا بأفكارهم حول الاتفاق مع الجانب التركي (حول منبج)، لكننا لم نحصل حتى الآن على التفاصيل»، لافتاً إلى أن «الجانب الأميركي يعلم أن عدم حماية مناطق شرق الفرات ومنبج يعني خروجهم من المنطقة بما يحمله من تداعيات سلبية».
وأوضح أن «الهدف من الاتفاق هو تحييد إمكان شن هجوم عسكري تركي على منبج كما حصل في عفرين». وزاد: «قنوات الاتصال مفتوحة مع الجانب الأميركي لنقل أي اعتراضات على تصرفات تركية قد توتّر الأوضاع»، مشدداً على «عدم السماح بتكرار عملية عفرين». وقال:» الأميركان كانوا صريحين معنا، ونقدّر أن لهم حساباتهم للتعاون مع تركيا وعدم حدوث تصادم بين قوات الدولتين».
وعلى رغم تأكيده أن «إدارة منبج، ومجلس منبج العسكري من أبناء المنطقة»، لم يعترض على «إشراك أبناء المدينة ممن قد يعودون إليها في إدارة الأمور في المنطقة». وحضّ السوريين على «التفاوض في ما بينهم لمنع تركيا من تحقيق أطماعها في الشمال والشرق وإحباط مشاريع التقسيم».
إلى ذلك، أبلغت سورية أمس الاول لبنان أنها تريد عودة اللاجئين للمساعدة في عملية إعادة الإعمار، بعدما عبّرت بيروت عن قلقها من أن قانوناً جديداً لإعادة بناء المناطق المدمرة قد يثنيهم عن العودة إلى ديارهم.
وكان لبنان الذي يستضيف مليون لاجئ سوري مسجل لدى الأمم المتحدة، كتب للحكومة السورية الشهر الماضي في شأن «القانون الرقم 10» الذي تخشى منظمات تُعنى بمساعدة اللاجئين وحقوقهم، أن يؤدي إلى فقدان اللاجئين ممتلكاتهم في البلاد.
وسلّم السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي رسالة من وزير خارجية بلاده وليد المعلم إلى وزير الخارجية في الحكومة اللبنانية المنتهية ولايتها جبران باسيل أمس. وقال علي للصحافيين بعد لقائه باسيل، إن الرسالة جاءت رداً على أسئلة طرحها باسيل، و «تحمل تأكيداً بأن سورية بحاجة وحريصة على كل أبنائها وعلى عودتهم».
وفي غضون ذلك قتل 11 مدنياً على الأقل، بينهم خمسة أطفال في غارات استهدفت قرية تحت سيطرة تنظيم « داعش»في شمال شرقي سورية، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الانسان امس الثلاثاء.
وأعلن المرصد تنفيذ التحالف الدولي بقيادة أميركية لهذه الضربات، في اطار دعمه لهجوم تشنه»قوات سورية الديموقراطية» في ريف الحسكة الجنوبي، من دون توفر أي تأكير من التحالف.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن «استهدفت طائرات حربية تابعة للتحالف الدولي فجر أمس، قرية الجزاع الواقعة في ريف الحسكة الجنوبي، ما تسبب بمقتل 11 مدنياً بينهم خمسة أطفال، تم سحب جثثهم اليوم نتيجة استمرار القصف».
ورجح المرصد ارتفاع حصيلة القتلى «لوجود جرحى في حالات خطرة ومفقودين ما زالوا تحت أنقاض الدمار».
وأكد عبد الرحمن «قصف جوي كثيف للتحالف منذ أمس، يستهدف مناطق سيطرة التنظيم في ريف الحسكة الجنوبي»، مشيراً الى أن «قوات أميركية وفرنسية وايطالية من التحالف تشارك برياً في المواجهات التي تخوضها قوات سورية الديموقراطية ضد التنظيم».
وتسببت غارات التحالف على المنطقة ذاتها منذ مطلع الشهر الجاري، بمقتل 14 مدنياً، بينهم اربعة اطفال على الاقل، بحسب المرصد.
من جهتها، أعلنت منظمة «ار وورز» غير الحكومية التي تحصي الضحايا المدنيين في كل عمليات القصف الجوي في العالم، أن ما لا يقل عن ستة آلاف و259 مدنياً قتلوا نتيجة قصف التحالف في البلدين.