بعد سبع سنوات على الإطاحة بالقذافي
متابعة ـ الصباح الجديد:
عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعا امس الثلاثاء في الإليزيه مع الأطراف الأربعة الرئيسة في النزاع الليبي على أمل تنظيم انتخابات وإخراج البلاد من الأزمة بعد مرور سبع سنوات على الإطاحة بحكم الزعيم معمر القذافي وانقسام ليبيا إلى شطرين، الشرق في بنغازي والغرب في طرابلس.
وضم قصر الإليزيه في باريس امس، أطراف الأزمة الليبية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وحضر الاجتماع ممثل الشرق الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس البرلمان في طبرق عقيلة صالح عيسى وعن الغرب رئيس الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس فايز السراج ورئيس مجلس الدولة خالد المشري، ويهدف الاجتماع إلى الاتفاق على إجراء انتخابات بحلول نهاية العام الجاري في مسعى لإنهاء الأزمة التي تقسم ليبيا إلى شطرين.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في استقبال رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة فايز السراج والرجل القوي في الشرق الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس البرلمان الذي يتخذ مقرا في طبرق (شرق) ولا يعترف بحكومة الوفاق الوطني عقيلة صالح عيسى، ورئيس مجلس الدولة المتمركز في طرابلس خالد المشري.
وانقسمت ليبيا بعد ثورة العام 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأدت للإطاحة بمعمر القذافي. ومنذ العام 2014 تشكلت في ليبيا فصائل سياسية وعسكرية متنافسة اتخذت من طرابلس وشرق البلاد مقرا لها. وتقود الأمم المتحدة مسعى لإعادة توحيد البلد الغني بالنفط وتنظيم انتخابات عامة فيه.
وقال مسؤول فرنسي إن من المقرر أن يتم خلال الاجتماع الاتفاق على مبادئ عامة لإنهاء الأزمة الليبية. وأضاف المسؤول «سيكون هناك التزام جماعي للقيام بكل ما يضمن إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي». كما تسعى باريس إلى الاتفاق على توحيد المؤسسات المالية والأمنية الليبية.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن المشاركين «عملوا على نص سياسي (…) ينبغي التوصل إلى التزام جماعي ببذل كل ما في الإمكان لتنظيم انتخابات (رئاسية وتشريعية) بحلول نهاية السنة».
*مشاركة دولية
وستتخذ هذه التعهدات أمام عشرين دولة معنية بالأزمة الليبية أو برهاناتها سواء على صعيد الأمن أو الهجرة، وبينها دول الجوار (تونس والجزائر ومصر وتشاد) وأخرى من المنطقة (المغرب والسعودية والكويت والإمارات وقطر وتركيا) وإيطاليا (القوة الاستعمارية سابقا) والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (روسيا والصين وفرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة) إضافة إلى ألمانيا.
*معارضة من الغرب الليبي
عبرت جماعات وفصائل مسلحة غربي ليبيا عن رفضها لمبادرة باريس والمحادثات التي جرت فيها امس الثلاثاء بدعوة من الرئيس إيمانويل ماكرون خوفا من نتائجها التي قد تكون في صالح المشير خليفة حفتر.
وأثارت تلك الجماعات شكوكا بشأن نجاح هذه المحادثات التي تهدف إلى ترسيخ المصالحة في هذا البلد المنقسم وإجراء انتخابات بحلول نهاية العام الجاري لتمكين المؤسسات من الثبات والنهوض بالدولة.
وصوت المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، وهو أحد البرلمانين المتنافسين، لصالح إرسال وفد إلى المحادثات لكنه أعلن عن سلسلة من المطالب من بينها وقف إطلاق النار فورا في مدينة درنة في شرق ليبيا ورفع الحصار الذي تفرضه قوات الجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر.
وصعد الجيش الوطني الليبي حملته في درنة هذا الشهر وتواصلت الاشتباكات في المدينة امس الاول الاثنين.
وأكد مجلس الدولة ضرورة الإبقاء على اتفاق سياسي رعته الأمم المتحدة العام 2015 لكن الفصائل في شرق ليبيا ترفضه. كما طالب بضرورة إخضاع المؤسسات العسكرية لسلطة مدنية. وعين حفتر حكاما عسكريين محل عمداء البلديات (رؤساء البلديات) المنتخبين في معظم أنحاء شرق ليبيا ويشك خصومه في أنه يسعى لتولي السلطة في البلاد ويخشون من أن يعيد البلاد إلى الحكم الاستبدادي.
وأصدرت جماعة تمثل 13 مجلسا وفصيلا عسكريا في غرب ليبيا بيانا قالت فيه إن مبادرة باريس لا تمثلها. وأضافت أنها تدعو لحوار حقيقي يركز على طموحات المجتمع الليبي. كما أعلنت الجماعة معارضتها للتدخل الأجنبي وأي محاولة تهدف إلى «توطين حكم العسكر».
*مدى الحاجة لمحادثات باريس.
ومطلع هذا الأسبوع أطاحت فصائل مسلحة في طرابلس بالحرس الرئاسي، وهو قوة شكلتها بدعم دولي حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها السراج، من مواقع استراتيجية في المطار الدولي ومكتب رئيس الوزراء في العاصمة. وقالت مصادر دبلوماسية إن هذا التحرك يرتبط جزئيا بالقلق من انعقاد محادثات باريس.
وتسعى فرنسا بقيادة إيمانويل ماكرون إلى القيام بدور أكبر من أجل إقناع الفصائل الليبية بضرورة إنهاء الاضطرابات. وعقد ماكرون العام الماضي محادثات نادرة بين حفتر والسراج في باريس. لكن منتقدين تساءلوا عن مدى الحاجة لمحادثات باريس هذا الأسبوع في ظل وجود «خطة عمل» أطلقها العام الماضي غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا بهدف تمهيد الطريق أمام إجراء الانتخابات.
وقال مصدر دبلوماسي «الخطوات التي توجد حاجة لاتخاذها معروفة تماما ومحددة في خطة العمل». وأضاف «لذا لسنا بحاجة لخطة أخرى وأخشى أن تحدث هذه المبادرة الجديدة… التباسا إضافيا». وتقول فرنسا إن المحادثات ستشهد مشاركة دولية واسعة وإنها تتماشى مع خطط سلامة.
وقالت مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة غير حكومية، في إفادة إنه، مع الوضع في الاعتبار استمرار الانقسامات في ليبيا، ينبغي ألا يفرض اجتماع باريس إطارا شديد الصرامة على المشاركين فيه حتى يجري تجنب «خلق توقعات غير واقعية قد يتسبب الاندفاع نحوها في… تأجيج التوترات».